وإذا كان البائن بينونة صغرى يرفع قيد الزواج بمجرد صدوره فلا يحل لأحد الزوجين الاستمتاع بالآخر ولا الخلوة به وتكون منه بمنزلة الأجنبية، وإن مات أحدهما في العدة أو بعدها فلا يرثه الآخر إلا في حالة الفرار كما سيجيء، ويحل به مؤخر الصداق المؤجل إلى أحد الأجلين الموت أو الطلاق.
وأما الطلاق البائن بينونة كبرى:
فهو ما كان مكملا للثلاث، وحكمه أنه يزيل في الحال بمجرد صدوره الملك والحل معا فلا يملك المطلق المتعة بمطلقته, وتصير من المحرمات عليه مؤقتا حتى تتزوج زوجا غيره بزواج شرعي صحيح نافذ، ويدخل بها الزوج الثاني دخولا حقيقيا ثم يطلقها وتنقضي عدتها منه لقوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} .
ولا توارث بينهما إذا مات أحدهما سواء كانت العدة باقية أو انقضت، ويحل به مؤخر الصداق المؤجل إلى أحد الأجلين الموت أو الطلاق لانقطاع رابطة الزوجية به في الحال.
فيؤخذ مما تقدم أن الطلاق الرجعي لا يزيل الملك ولا الحل، وأن البائن بينونة صغرى لا يزيل الحل ويزيل الملك، وأن البائن بينونة كبرى يزيل الملك والحل معا.
بناء على هذا لو راجع الزوج زوجته بعد أن طلقها رجعيا أو عقد عليها عقدا جديدا بعد أن بانت منه بينونة صغرى تعود إليه بما بقي له من الطلقات؛ لأن الحل الأول ما زال وكأنه هو الذي عاد فيعود بما بقي من عدد الطلقات. أما لو بانت بينونة كبرى ثم تزوجها غيره وبعد أن طلقها عقد عليها زوجها الأول تعود إليه بحل جديد, ويملك عليها ثلاث طلقات؛ لأن الزوج أنهى الحل الأول فالعقد الجديد أنشأ حلا جديد كامل عدد الطلقات.
هذا متفق عليه، والصورة المختلف فيها هي ما إذا بانت منه بينونة صغرى وانقضت عدتها ثم تزوجها غيره وبعد أن طلقها عقد عليها زوجها الأول، فالشيخان يقولان تعود إليه بحل جديد؛ لأن زواجها بالثاني قطع الحل الأول, وأنها فتعود بحل مبتدأ كالبائنة بينونة كبرى، ومحمد يقول تعود إليه بما بقي؛ لأن الحل الأول لا يزيله إلا الزوج الثاني بعد الطلاق الثلاث كما هو نص الآية، والراجح قول الشيخين. وهذه المسألة هي التي يعبر عنها الفقهاء بمسألة الهدم أي: هل الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث من الطلقات كما يهدم الثلاث أو لا.