فحينئذ يعين القاضي حكمين رجلين عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما.
وعلى الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح، فإن أمكن على طريقة معينة قرارها, وإذا عجزا عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو منهما أو جهل الحال قررا التفريق بينهما بالطلاق. وأما إذا كانت الإساءة من الزوجة فلا تطلق، وإذا اختلفا أَمَرَهما القاضي بمعاودة البحث فإن استمر الخلاف بينهما حَكّم غيرهما، وعلى الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقررانه وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه، والطلاق الذي يوقعه القاضي بناء على الضرر الذي أثبتته الزوجة أو بناء على تقرير الحكمين طلاق بائن. ومأخذ هذه الأحكام مذهب مالك ومستنده قوله تعالى في سورة النساء:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} . "المواد ٦ و٧ و٨ و٩ و١٠ و١١ من القانون رقم ٢٥ سنة ١٩٢٩".
٤- التطليق لغيبة الزوج:
إذا ادعت الزوجة على زوجها أنه غاب عنها سنة فأكثر بلا عذر مقبول وطلبت تطليقها منه لتضررها من بعده عنها هذه المدة الطويلة وأثبتت وقائع دعواها، فإن كان زوجها الغائب لا يمكن وصول الرسائل إليه بأن كان غير معلوم محل إقامته أو معلوما ولا سبيل إلى مراسلته طلقها القاضي منه في الحال، وإن كان يمكن وصول الرسائل إليه ضرب القاضي له أجلا وأعذر إليه بأنه يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها, أو ينقلها إليه أو يطلقها, فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولم يبد عذرا مقبولا طلقها القاضي منه, ولو كان له مال تستطيع أن تنفق على نفسها منه؛ لأن هذا تطليق لتضررها ببعده عنها المدة الطويلة بلا عذر, وليس سببه عدم وجود ما تنفق منه، والتطليق لهذه الغيبة طلاق بائن؛ لأنه من