إمساكه: وملتقطه أحق بإمساكه١؛ لأنه هو الذي أحياه بالتقاطه وسبقت يده إليه، فليس لأحد من حاكم أو غيره أن يأخذه منه جبرا عنه إلا أن وجد سبب يقتضي أخذه منه كأن يكون غير أهل لحفظه، وإن التقطه أكثر من واحد فالأحق بإمساكه منهم أرجحهم بالإسلام أو الحرية أو القدرة على الحفظ أو غير ذلك من المرجحات، فإن استووا ولا مرجح فالرأي للقاضي يجعله عند أيهم يراه خيرا للقيط.
الولاية عليه: ولا ولاية على اللقيط لأحد لا في نفس ولا في مال، ولا للملتقط ولا لغيره، والولاية عليه للمحاكم؛ لأنه ولي من لا ولي له، وإنما يكون لملتقطه الذي يمسكه ولاية المحافظة على نفسه وماله فيشتري مالا بدله منه من طعام وكسوة، ويتخذ ما يلزم لتعليمه علما أو حرفة, ويقبض ما يوهب له أو يتصدق به عليه. وإن وجد معه حين التقاطه مال فهو ملك له ليس لأحد ولاية التصرف فيه, وعلى الملتقط أن يحافظ عليه, وليس له أن ينفق عليه منه إلا بإذن القاضي, فإن أنفق على اللقيط بغير إذن القاضي ولم يشهد عند الإنفاق أنه أنفق ليرجع في مال اللقيط فهو متبرع. وإذا لم يوجد مع اللقيط مال ولم يوجد من ينفق عليه فنفقته في بيت المال.
نسبه: وبما أن اللقيط مجهول النسب ومن مصلحته أن يثبت نسبه فإذا ادعى أي شخص سواء كان الملتقط أو غيره أنه ابنه ثبت نسبه منه بمجرد الدعوة. وإذا ادعاه الملتقط وغيره رجح الملتقط إلا إذا أقام الآخر بينة على دعواه. وإذا ادعاه اثنان ليس أحدهما الملتقط رجحت دعوى أسبقهما ادعاء، إلا إذا أقام الآخر البينة، وأن ادعياه معا فهو لمن أقام البينة، وإن لم تكن لأحدهما بينة فهو لمن وصفه بعلامة تبين أنها فيه، وكذلك إذا دعت امرأة أنه ابنها ثبتت أمومتها له بمجرد الدعوة.
١ والنظام المتبع الآن أن من وجد لقيطا يسلمه إلى رجال البوليس, وهؤلاء يرسلونه إلى ملجأ اللقطاء, ومن أراد أخذ لقيط لتربيته يسلم إليه بعد تحريات وتعهدات تكفل مصلحة الطفل وتربيته والمحافظة عليه.