للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الشروط الأربعة ترجع عند التحقيق إلى شيء واحد وهو تحقق رضا الطرفين وتوافق إرادتيهما؛ لأن الشرط الأول وهو تميز العاقدين؛ إنما شرط لأن الرضا لا يكون إلا ممن له إرادة وفاقد التمييز لا إرادة له فلا يتصور منه رضا. والشروط الثلاثة الباقية إنما شرطت ليتحقق ارتباط رضا كل من العاقدين برضا الآخر, وتتفق إرادتهما على شيء معين دلت عليه عبارتهما.

شروط الصحة:

شروط صحة الزواج هي ما يتوقف عليها صحته بعد انعقاده, وليست شروطا لتحقق أركانه وهي اثنان.

١- أن تكون الزوجة غير محرمة على من يريد التزوج بها بأي سبب من أسباب التحريم المؤبد أو المؤقت؛ لأن للشارع حكمة في تحريم بعض النساء على الرجل، فمن عقد على من لا تحل له فزواجه غير صحيح ولا يحل ما حرم الله.

٢- أن يحضر عقد الزواج شاهدان رجلان أو رجل وامرأتان؛ لأنه عقد له خطره وشأنه لما يترتب عليه من آثار وحقوق فلهذا امتاز شرعا عن سائر العقود بأن اشترط لصحته حضور الشهود؛ ولأنه يترتب على عدم إعلانه بحضور الشهود أن يرتاب الناس ويسيئوا الظن إذا رأوا رجلا يتردد على امرأة من غير أن يكون قد أعلن زواجه بها. ولذا ورد في الحديث: "لا نكاح إلا بشهود١".

ويشترط في الشاهدين أن يكونا عاقلين بالغين حرين؛ لأن هذا العقد الذي له خطره وشأنه لا يعلن إلا عن طريق العقلاء الأحرار البالغين، وأن يسمعا معا كلام العاقدين مع فهمهما أن الغرض منه إيجاب الزواج وقبوله، وإن لم يفهما مفرداته؛ لأنهما إن لم يسمعا معا الصيغة بتمامها فاهمين المراد منها لم يشهدا العقد, فالأصم والنائم والسكران الذي لا يعي ما يسمع لا يصح الزواج بحضورهم؛ لأنهم لا سماع ولا فهم.


١ وقال الإمام مالك: ليس حضور الشهود شرطا لصحة الزواج, وإنما الشرط إعلانه بأي طريق حتى لا يكون سرا، فلو أعلن بغير الشهود صح ولو حضره الشهود وشرط عليهم كتمانه لم يصح.

<<  <   >  >>