للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل مبادلاته ما دامت بثمن المثل فهي نافذة. ولكن إذا كان بيعه لأحد ورثته توقف نفاذ البيع بعد موته على إجازة سائر الورثة نفيا للتهمة ولو كان البيع بثمن المثل١.

وأما تصرفاته الإنشائية التي هي تبرعات كالهبة والوقف والضمان والمحاباة في المعاوضات، فهذه تصرفات تضر بحقوق الدائنين، والورثة؛ لأنها تخرج شيئا من ملك المريض بغير عوض. ولذلك يكون حكمها حكم الوصية وإن صدرت منجزة. فإذا وهب المريض مرض الموت أو وقف أو ضمن أو حابى في مبادلة كان هذا التصرف منه بمنزلة الوصية، فإن مات مدينا بدين مستغرق تركته توقف نفاذ تصرفه على إجازة دائنيه. وإن مات غير مدين, وكان تبرعه لوارث توقف نفاذه على إجازة سائر الورثة, أيا كان المقدار المتبرع به. وإن مات غير مدين وكان تبرعه لغير وارث نفذ في ثلث تركته وتوقف فيما زاد عنه على إجازة سائر الورثة. مع مراعاة التفريق بين وقفه ووصيته كما هو مبين في موضعه.

ويؤخذ من هذا أن تبرعات المريض مرض الموت سواء صدرت منجزة, أو مضافة إلى ما بعد الموت حكمها حكم الوصية. وأما تبرعات الصحيح، فإن صدرت مضافة إلى ما بعد الموت فهي وصية. وإن صدرت منجزة فهي نافذة ولا يسري عليها حكم الوصية.

وأما تصرفه الإخباري وهو إقراره بحق على نفسه لغيره، فإن صدر إقراره هذا لأحد ورثته، كما إذا أقر لزوجته بأن لها عليه ألف جنيه، أو أقر لأحد أبنائه بمثل ذلك، يعتبر هذا الإقرار منه حكمه حكم تبرعه، فيتوقف على إجازة سائر ورثته بعد موته, أيا كان مقدار المقر به لاحتمال أنه أراد إيثار بعض الورثة على بعض. ولما لم يملك التبرع عمد إلى صورة الإقرار فيرد قصده عليه, ويعتبر إقراره لوارثه وصية دفعا للتهمة. وأما إن


١ وهذا قول الإمام والعلة الابتعاد عن الشبهات, وعن إيثار بعض الورثة ببعض الأعيان. وقام أبو يوسف: البيع للوارث بثمن المثل صحيح نافذ؛ لأنه ما دام بثمن المثل فلا شبهة. ولا حق لسائر الورثة في الاعتراض عليه بعد موت مورثهم.

<<  <   >  >>