للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- الجمع بين محرمين:

يحرم على المسلم أن يتزوج بامرأتين محرمين، أي: تحرم إحداهما على الأخرى بأي سبب من أسباب التحريم، لو فرضت إحداهما رجلا.

فلا يحل له أن يجمع بين الأختين ولا بين البنت وأمها أو عمتها أو خالتها لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} . ولقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم". وذلك لأن العداوة بين الضرائر لا تخفى.

فالمرأتان المحرمان لا يحل الجمع بينهما بالزواج لا حقيقة بأن يجعلهما معا في عصمته ولا حكما بأن يتزوج الثانية وما تزال الأولى في عدته؛ لأنها ما دامت في عدته فهي زوجته حكما، ولا فرق بين أن يكونا محرمين بسبب النسب أو بسبب الرضاع، فالأختان رضاعا كالأختين نسبا لا يحل الجمع بينهما؛ لأن الشارع لا يبيح ما يقطع الصلة ويفكك الروابط ويجعل ذوات القربى ضرائر.

ولا بد أن تكون الحرمة بينهما ثابتة من الجانبين على معنى أن أية واحدة منهما لو فرضت رجلا حرمت عليه الأخرى, فلو كانت الحرمة من جانب واحد جاز الجمع بينهما، فيجوز الجمع بين امرأة وبنت زوج كان لها من قبل؛ لأنه لو فرضت البنت رجلا ما جاز له أن يتزوج بامرأة أبيه ولكن لو فرضت المرأة رجلا جاز له التزوج بالبنت؛ لأنه لا صله بينهما بقرابة أو رضاع، فالحرمة من جانب واحد. ولهذا جاز الجمع١.

ولو أقدم رجل على الجمع بين المحرمين وتزوج الأختين مثلا فإما أن يتزوجهما بعقد واحد أو بعقدين، فإن تزوجهما بعقد واحد وليس بواحدة منهما مانع فسد عقده عليهما، وتجري على هذا العقد أحكام الزواج الفاسد فيجب الافتراق على المتعاقدين


١ وقال زفر: متى ثبت حرمة إحداهما على الأخرى ولو من جانب واحد يحرم الجمع بينهما.

<<  <   >  >>