للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحكمة في إباحة تعدد الزوجات أمور:

منها أن الرجل قد لا تحصن نفسه واحدة فصونا له من الزنا واتخاذ الخليلات أباح الله له التزوج بأكثر من واحدة، ولم يبح للمرأة أكثر من زوج لئلا تضيع الأولاد باختلاط الأنساب.

ومنها أن عدد النساء في الغالب يزيد على عدد الرجال في أكثر الأمم، فإذا لم يبح للرجل إلا واحدة بقي عدد من النساء بلا عائل يقوم بشئؤنهن ومن غير زوج يحصن نفوسهن فيكن عرضة للسقوط.

ومنها أن الغرض الأول من الزواج وهو التوالد والتناسل يكون أكثر تحققا بتعدد الزوجات.

ومنها أن الزوج قد يجد زوجته عقيما ولا يرضى أن يفارقها لعقمها ولا يرضى أن يعيش محروما من نعمة الأبوة، فأباح الله له أن يتزوج معها أخرى للخلاص من هذا الحرج.

ومما يعترض إباحة التعدد أنه يؤدي غالبا إلى فساد الأسر؛ لأن العداوة بين الضرائر لا تنقطع ولها أسوأ النتائج في حل الروابط بين أفراد الأسرة؛ ولأن أولاد الرجل الواحد من أمهات شتى ينشئون متعادين متباغضين؛ ولأن الرجل في الغالب لا يستطيع العدل بين الزوجات ولا القيام بشئونهن جميعا فتكثر الخصومات والمنازعات؛ ولأن شعور الزوجة بأن لزوجها هذا الحق يجعلها غالبا مطمئنة.

ولكن الشارع رأى أن مضار إباحة التعدد أخف من مضار حظره، فاتقى أشد الضررين وأباح التعدد, وقيد هذه الإباحة بالقدرة على العدل بين الزوجات، فمن خاف أن لا يعدل بين المتعددات فلا تباح له إلا واحدة.

وأن ما أباحه الشارع من التعدد مع تقيد العدد بقصره على أربع واشتراط القدرة على العدل بينهن هو وسط معتدل بين ما كانت عليه الجاهلية من إباحة التعدد إلى

<<  <   >  >>