للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويندد بالاحتلال في تلك الفترة التي كان فيها عباس على وفاق مع الوطنيين، ولم يكن بعد قد هادن المحتلين، ومن أشعار شوقي في تلك الفترة، قصيدته التي يهاجم فيها رياض باشا، على خطبته المشهورة، التي مدح فيها الإنجليز، وهي القصيدة التي يقول فيها:

خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا ... أضيف إلى مصائبنا الجسام

لهجت بالاحتلال وما أتاه ... وجرحك منه لو أحسست دام

أراعك مقتل من مصر دام ... فقمت تزيد سهماً في السهام١

ومن شعره في بعض أوقات الأمن وضمان السلامة، قصيدته في رحيل "كرومر" التي يقول فيها:

لما رحلت عن البلاد تشهدت ... فكأنك الداء العياء رحيلا

أنذرتنا رقًّا يدوم وذلة ... تبقى وحالًا لا ترى تحويلًا

أحسبت أن الله دونك قدرة ... لا يملك التغيير والتبديلا٢

ولكنا نرى شوقي يسكت عن حادثة دنشواي، فلا يقول شعرًا فيها إلا بعد عام من مأساتها، وذلك حين يأمن مغبة القول، أو حين يأمن القصر سوء عاقبة الحديث، أي بعد أن ذهب "كرومر" الطاغية الشديد العداء لعباس؛ وجاء "غورست" المعتمد البريطاني المهادن المتساهل، فهنا نسمع شوقي يقول ميميته التي يتحدث فيها عن ضحايا دنشواي، ويطالب بالإفراج عن مسجونيهم، وفيها يقول:

مرت عليهم في اللحود أهلةٌ ... ومضى عليهم في القيود العام

كيف الأرامل فيك بعد رجالها ... وبأي حال أصبح الأيتام

"نيرون" لو أدركت حكم كرومر ... لعرفت كيف تنفذ الأحكام٣

وليس من الممكن الاعتذار عن شوقي في سكوته عامًا عن الحديث عن مأساة دنشواي، مهما قيل: إنه كان لم يلهم شعرًا يومها، أو أنه كان خارج


١ الشوقيات جـ١ ص٢٥٩.
٢ المصدر السابق جـ١ ص٢٠٩-٢١٠.
٣ المصدر نفسه جـ١ ص٣٠١.

<<  <   >  >>