للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ينتهز كل فرصة ممكنة ليشهر بالاحتلال، ويهاجم الإنجليز ومن يمالئونهم، يفعل ذلك مثلًا في قصيدة ينشئها بمناسبة الاحتفال بالعام الهجري١، وفي قصيدة أخرى بمناسبة أزمة مد امتياز قناة السويس٢، كما يفعله في قصائد أخرى لا يسنى خلالها وطنه ومأساته.

كل هذا نراه من حافظ في السنوات الأولى من حياته الشعرية، حين كان حرًّا من قيد الوظيفة، طليقًا من قيود الحرص على دفع الأذى عن الذات، ولقمة العيش، أما حين تسند إليه وظيفة في دار الكتب سنة ١٩١١، وحين يجد نفسه مضطرًّا إلى المحافظة على تلك الوظيفة، بعد ما عاش شبه مشرد يستعين برعاية الأصدقاء من الموسرين والزعماء؛ فإنه يسكت تقريبًا عن مهاجمة الاحتلال٣. بل إنه قد تورط كما تورط شوقي، فأثنى على الإنجليز في بعض المناسبات التي لابست فترات خوفه على نفسه أو رزقه، ومن ذلك قصيدتاه٤ في رثاء الملكة "فيكتوريا" سنة ١٩٠١، ثم في تتويج الملك "إدوارد"؛ فقد كان حافظ خلال تلك الفترة في الاستيداع، عقوبة له على اشتراكه في حركة تمرد قام بها بعض الضباط المصريين بالسودان، وفي القصيدة الأولى يقول للملكة "فيكتوريا":

أمالكة البحار ولا أبالي ... إذا قالوا تغالي في المقال

فمثل علاك لم أر في المعالي ... ولا تاجًا كتاجك في الجلال٥


١ ديوان حافظ جـ٢ ص٤١.
٢ المصدر السابق ص٥٩.
٣ الاتجاهات الوطنية للدكتور محمد حسين جـ١ ص٢١٢. والأدب العربي المعاصر للدكتور شوقي ضيف ص١٠٣.
٤ الأولى في ديوان حافظ جـ٢ ص١٦ وما بعدها، والثانية في ديوانه جـ١ ص١٨، وما بعدها.
٥ انظر: ديوان حافظ جـ٢ ص١٣٧.

<<  <   >  >>