للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصائد في الحث على تخفيف مصاب المصابين، ومسح دموع الباكين، ومن شعره في هذا الباب قصيدته في حريق ميت غمر سنة ١٩٠٢، التي يقول فيها:

سائلوا الليل عنهم والنهارا ... كيف باتت نساؤهم والعذارى

كيف أمسى رضيعهم فقد الأم ... وكيف اصطلى مع القوم نارا

كيف طاح العجوز تحت جدار ... يتداعى وأسقف تتجارى

رب إن القضاء أنحى عليهم ... فاكشف الكرب واحجب الأقدارا

ومر الناس أن تكف أذاها ... ومر الغيث أن يسيل انهمارا١

ومنه قوله في حفل جمعية رعاية الطفل سنة ١٩١٣:

هذا صبي هائم ... تحت الظلام هيام حائر

أبلى الشقاء جديده ... وتقلمت منه الأظافر

فانظر إلى أسماله ... لم يبق منها ما يظاهر

هو لا يريد فراقها ... خوف القوارس والهواجر

إني أعد ضلوعه ... من تحتها والليل عاكر٢

"ب" المحافظون بين الإسلاميات والذاتيات والمناسبات:

وهكذا نرى -من الناحية الموضوعية- أن هؤلاء الشعراء المحافظين قد توسعوا كثيرًا في هذا الباب الذي فتحه البارودي، وعالجه من قبله صالح مجدي، وهو باب القضايا الوطنية والإصلاحية، بل إن بعض الشعراء المحافظين أوشكوا أن يجعلوه جل شعرهم، على أنهم في الوقت نفسه لم يسنوا ميادين أخرى من ميادين القول، أهمها ميادين الأمجاد الإسلامية، والتجارب الذاتية، والمناسبات المحلية والعالمية، فقد قالوا في هذه الجوانب على تفاوت بينهم، فهم مختلفون في حظهم من هذا الشعر غير النضالي، وفي اللون الذي يغلب على شعر كل منهم حين يبعد عن ميدان النضال، فشوقي مثلًا يدير كثيرًا منه حول الحب، والخمر


١ ديوان حافظ جـ١ ص٢٥٠.
٢ المصدر السابق جـ١ ص٢٩٢-٢٩٣.

<<  <   >  >>