للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطبيعة، وما إلى ذلك مما تسمح به ظروفه المرفهة الناعمة، وحافظ يجيد في الشكوى من الدهر وتصوير قسوة الحياة، ونحو ذلك مما يتسق وطبيعة عيشته القاسية المجهدة، ومحرم يتألق في تسجيل الأمجاد الإسلامية، على حين يبرع الكاشف في رسم الصور الاجتماعية والأخلاقية.. يقول شوقي في حفل راقص أقيم بقصر عابدين، متحدثًا عن الخمر والنساء واللهو:

طال عليها القدم ... فهي وجود عدم

قد وئدت في الصبا ... وانبعثت في الهرم

بي رشأ ناعم ... ما عرف العمر هم

تسأل أترابها ... مومئة بالعنم

أي فتى ذلكن ... العربي والعلم

يشربها ساهرًا ... ليلته لم ينم

قلن تجاهلته ... ذاك رب القلم١

ويقول حافظ من قصيدة له، يتحدث فيها عن بؤسه وسوء حظه، وتمنيه للموت:

سعيت إلى أن كدت أنتعل الدما ... وعدت وما أعقبت إلا التندما

فهبي رياح الموت نكبًا وأطفئي ... سراج حياتي قبل أن يتحطما

فما عصمتني من زماني فضائلي ... ولكن رأيت الموت للحر أعصما٢

ويقول الكاشف في الفلاح المصري:

إذا استبقيت في الدنيا حبيبًا ... فخير أحبتي فلاح مصرا

كريم يملأ الدنيا ثراء ... ولا يلقى سوى الإجحاف أجرا

فقير ما أراه شكا افتقارا ... ولو يجزى على تعب لأثرى

فمحراث يشق الأرض عندي ... ويخرج من ثراها الخصب تبرا

كسيف في يد الجندي لاقى ... به جيشًا وحصنًا مشمخرا٣


١ الشوقيات جـ٢ ص١١١-١١٢.
٢ ديوان حافظ جـ٢ ص١١٤-١١٥.
٣ ديوان الكاشف جـ١ ص١٠٤.

<<  <   >  >>