للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول في الفلاحة حاملة الجرة:

حاملة الجرة تمشي بها ... منيرة الطلعة وسط الزحام

كراية حمراء معقودة ... لقائد سار بجيش لهام

لولا اعتدال العنق من تحتها ... وهزة العطف بها والقوام

أرقتها من ثقلها مشفقًا ... ولو شكا أهلك حر الأوام

يا مي ما أغناك عن جرة ... لو شئت كانت في عيون الأنام

وأنت لو حملتها عمدة ... لنال تشريفًا وأعلى مقام

عساك تبغين بها رأفة ... يا مي إرواء صوادي الغرام١

وإلى جانب الشعر الوطني الإسلامي والاجتماعي والذاتي، يكثر عند الشعراء المحافظين شعر المناسبات والمجاملات، فهم قد مدحوا، ورثوا، وهنأوا، وقرظوا، وعاتبوا، وداعبوا، وهجوا، وذلك على تفاوت بينهم بطبيعة الحال.

كما أنهم أسهموا بشعرهم في تسجيل بعض الأحداث العالمية الكبرى كزلزال مدمر٢، أو حرب ضروس٣، ونحو ذلك. كل هذا مع بقاء الملاحظة التي سبق تسجيلها في أول هذا الحديث، وهي أن طابع النضال في جميع مجالاته، كان طابعًا بارزًا في شعر هؤلاء المحافظين، فهم قد كانوا بحق مستجيبين للطابع العام لتلك الفترة، وهو طابع النضال، فقد ناضلوا من أجل الجامعة الإسلامية لمواجهة أطماع الغرب في ذلك الحين، وناضلوا من أجل الوطن وتخليصه من سيطرة القصر وقيود الاحتلال، كما ناضلوا من أجل رقى المجتمع، وإنهاضه مما فرض عليه من تخلف، وهم قد أبلوا -في جملتهم- أحسن البلاء، حين استخدموا الشعر سلاحًا في معركة النضال.


١ المصدر السابق ص١٣١.
٢ ديوان حافظ جـ١ ص٢١٥.
٣ الشوقيات جـ١ ص٣٠-٤٨.

<<  <   >  >>