للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوثوق بدوام الغنى، ما كان الجزع من الفقر، ولولا فرحة التلاق، ما كانت ترحة الفراق١".

على أن طريقة المنفلوطي -أو الاتجاه المحافظ البياني- في النثر، لم تكن الطريقة الوحيدة لكتابة المقالة في تلك الفترة؛ فالحق أن تلك الطريقة كانت الطريقة الوسط، التي تأتي بين اتجاهين آخرين، لم يكونا من الوضوح والقوة حينذاك، بحيث يعتبران طريقتين مميزتين أخريين. أما أحد هذين الاتجاهين، فقد كان أكثر تشبثًا بالتراث، وأقوى تعلقًا ببعض مخلفاته، حيث اصطنع السجع على طريقة أسلوب المقامات، وكانت كتابات أصحاب هذا الاتجاه، مقالات في موضوعات أشبه بموضوعات طريقة المنفلوطي، فبعضها أدبي، وبعضها أخلاقي، وبعضها اجتماعي، ومع ذلك لم يتخذ أسلوبًا فيه كثير من طابع الكتابة التنليدية التي عرفت في الفترة السابقة٢، والتي كانت تتناول في أكثر الأحايين موضوعات ليس لها صفة العموم، وأغلب الظن أن امتداد تأثير هؤلاء السجاعين الشكليين من جانب، والتشبث الشديد بالتراث، وبفن المقامات من جانب آخر؛ ثم محاولة بعض الشعراء كتابة نثر فيه بعض خصائص الشعر من جانب ثالث؛ كل هذا قد أوجد هذا الاتجاه في كتابة المقالة المسجوعة، رغم انطلاق لغة المقالة وتحررها، وميلها إلى طبيعة الفن النثري الحي.

ومن أبرز ما يمثل هذا الاتجاه من اتجاهات الكتابة، كتاب "أسواق الذهب"٣ للشاعر أحمد شوقي، وكتاب "صهاريج اللؤلؤ" للسيد توفيق


١ النظرات للمنفلوطي جـ١ ص٦١.
٢ أقر مبحث النثر في الفصل السابق مقال١ -الكتابة الإخوانية، واتجاهها إلى التقليد.
٣ ظهر سنة ١٩١٦، انظر المحافظة والتجديد في النثر العربي المعاصر لأنور الجندي ص٢٤٣، ونشأة النثر الحديث، وتطوره لعمر الدسوقي جـ١ ص١٢٧.

<<  <   >  >>