للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرخصت الجمال، ونقصت الكمال، وخطبت لهجن الرجال ربات الحجال، صويحباتك هن المفضلات، وغيرهن المتروكات المعطلات. العريان من ليس له منك سترة، والمستضعف من ليس له منك قدرة، فسبحان من قهر بك الخلق، وقهرك برجال الخلق"١.

وهذا نموذج من "صهاريج اللؤلؤ" للبكري، يقول فيها تحت عنوان "العزلة" متحدثًا عن عوامل هجرة للحياة الاجتماعية الحضرية، وما فيها من مفاسد: " ... وأما الأخلاء، والصحب والسجراء٢، فحسبك من رجل غون في كل أمر لم ترده، ونصير في كل مطلب لم تقصده، فإن عرض لك بعض الحاج، فالعلوي يسترفد الحجاج. ماء يتلون بلون الإناء، ونيلوفر يدور مع الشمس في الإصباح والإمساء، إن جددت فإليك، أو شقيت فعليك، مدحٌ مع المادح، وقدح مع القادح.

والقوم من يلق خيرًا قائلون له ... ما يشتهي، ولأم المخطئ الهبل

أجسام متدانية، وقلوب متنائية، وإنكان خبر سوء فحماد الراوية.

حدث عن البحر ولا حرج، مئذنة في ظاهر مستقيم وباطن معوج.

له لطف قول دونه كل رقية ... ولكنه في فعله حية تسعى

وأما أبناء السامة٣، فإن أحدهم غادة ينقصها الحجاب، ينظر في المرأة ولا ينظر في كتاب، إنما هو لباس على غير ناس، كما تضع الباعة مبهرج الثياب على الأخشاب.

وهل ينفع الوشي السحيب مضللا ... وإن ذكوت في القوم قيمته خزي

رماد تخلف عن نار، وحوض شرب أوله، ولم يبق منه غير أكدار. آباء وأحساب، وحال كشجر السلجم٤ أحسن ما فيه ما كان تحت التراب "ترى


١ أسواق الذهب ص٦٧.
٢ جمع سجير، وهو الخليل الوفي.
٣ الذهب والفضة.
٤ نبات.

<<  <   >  >>