للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفتيان كالنخل، وما يدريك ما الدخل" إلى رطانة بالعجمية بين الأعراب "أبرد من استعمال النحو في الحساب"، "لو كان ذا حلية لتحول"، "وهل عند رسم دارس من معول".

وقح تواصوا بترك البر بينهم ... نقول: ذا شرهم بل ذاك بل هذا

ميسر يلعب، ومال يسلب. وخدن يخدع، وكلب يتبع، وعطر ينفح، وفرس يضبح.

أبا جعفر ليس فضل الفتى ... إذا راح في فضل عجابه

ولا في فراهة برذونه ... ولا في نظافة أثوابه

دنيا موجودة، ونفس مفقودة. وعقل أسير، وهو أمير. "اليوم خمر، وغدًا أمر". فبيناه غني يتملك، إذ هو فقير يتصعلك. قوت، كيلا تموت. ومن إيوان كسرى إلى بيت العنكبوت ... "١.

وأما الاتجاه الآخر، فقد كان كرد فعل للاتجاهين السابقين، فهو لم يكن شديد الكلف بتجويد الصياغة، ورعاية جانب البيان، كما لم يكن -من باب أولى- متكلفًا للسجع مصطنعًا لغة المقامات، وذلك؛ لأن السائرين في هذا الاتجاه، لم يكونوا من المتعلقين بالتراث، ولا من المؤمنين بفكرة الجامعة الإسلامية التي تشد إليه، وإنما كانوا من المولين وجوههم شطر الغرب، ومن المؤمنين بالحضارة الأوروبية أشد الإيمان، ومن هنا لم يشغلوا أنفسهم بتجويد الأسلوب تجويدًا بيانيًا كما فعل المنفلوطي، كما لم يرهقوا أقلامهم بتحميلها أعباء البديع كما فعل البكري، وإنما اهتموا أعظم الاهتمام بالجانب الفكري، فمالوا إلى الموضوعية، واصطناع المنطق، وجنحوا إلى الوضوح والدقة، والترسل الكامل. هذا إلى تحميل الكلام شحنة من الثقافة والفكر الغربي، وخير من يمثل هذا الاتجاه في تلك الفترة أحمد لطفي السيد٢، ومن أمثلة مقالاته ما كتبه تحت عنوان:


١ صهاريج اللؤلؤ ص١٤٢ وما بعدها.
٢ ولد بقريق برقين من أعمال السنبلاوين سنة ١٨٧٢، وتعلم في كتاب القرية، ثم =

<<  <   >  >>