قيمته الفنية كرواية، فالواقع أن هذا الارتباط قد كان -من جانب آخر- محاولة مخلصة لربط الأدب الحديث بالتراث القديم، واتخاذ هذا التراث نقطة انطلاق إلى فنون أدبية جديدة.
و"حديث عيسى بن هشام"، يتلخص في أن الرواية عيسى بن هشام، قد ذهب إلى المقابر يومًا للاتعاظ والاعتبار، فشاهد قبرًا قد انشق عن رجل يخرج منه مبعوثًا إلى الحياة من جديد، وحين فزع ابن هشام من هذا الميت المبعوث، طمأنه هذا الخارج من القبر، وعرفه بنفسه، مبينًا أنه أحمد باشا المنيكلي الذي كان رئيس "الجهادية" في عهد محمد علي، ثم طلب المنيكلي من ابن هشام أن يذهب إلى منزل الباشا في القلعة ليحضر له الملابس، ولكن ابن هشام اعتذر بأنه لا يعرف بيت المنيكلي، نظرًا لكون البيوت تعرف اليوم بأرقام، وأسماء شوارع وما إلى ذلك، وانتهى الأمر بأن خلع ابن هشام بعض ملابسه على الباشا المبعوث، وصحبه من المقابر إلى قلب القاهرة، ليوصله إلى بيته في القلعة، ولكن الباشا لا يصل إلى بيته، بسبب المشاكل التي تعترضه، وتحتم عليه المبيت في قسم الشرطة، ففي طريقهما إلى بيت الباشا، تبعهما أحد الحمارين مدة، ثم ادعى على الباشا أنه استدعاه وعطله، وطالبه لذلك بأجره على هذا الوقت المضيع في خدمته، والحق أنه لم يكن قد استدعاه حقيقة، وإنما كان -فقط- قد لوح بيديه، وهو يحدث عيسى بن هشام.. وقامت مشادة بين الحمار والباشا، استدعى من أجلها الشرطي الذي قاد الجميع إلى القسم، حيث بات الباشا ليلته.
وبعد ذلك يساق الباشا إلى وكيل النيابة، ثم يقدم إلى المحكمة، فيحكم عليه بالسجن، ويضطر إلى التظلم أمام لجنة المراقبة، ويعرض الأمر على محكمة الاستئناف.
ويخلص الباشا من ورطة البوليس، والقضاء -مؤقتًا- ليقع في ورطة من نوع جديد؛ وذلك أنه يضطر إلى الاستعانة بمحام، فتظهر حاجته الشديدة إلى المال، وهنا يحاول الحصول عليه بشتى الطرق، فيبحث عمن بقي من أسرته