للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القليل الآن، ابتغاء ما ادخره الله لعباده من الأجر والثواب في خدمة المسلمين، وعليك بشاهدين للتوكيل"١.

ب- القصة التهذيبية البيانية:

وقد اتجه مصطفى لطفي المنفلوطي في أعماله القصصية وجهة خاصة، لا يستوحي فيها المقامات ولا غيرها من قوالب التراث، ولا يحاكي القصص الغربي كما سيفعل آخرون فيما بعد، وإنما يقدم نوعًا من القصص، فيه بعض عناصر قصصية، ولكنها غير مكتملة من الناحية الفنية الخالصة؛ لأن إلى جانبها عناصر أخرى أقرب إلى فن المقال أو فن الخطابة، ومن هذا المزيج القصصي المقالي الخطابي، اتخذ المنفلوطي طريقته القصصية، هادفًا إلى غاية تهذيبية، وهي تعميق الإحساس بالمثل العليا والقيم الإنسانية الكبرى، كالوفاء والشرف والشجاعة، والفضيلة وحب الخير والحق والجمال، مستخدمًا للتعبير عن طريقته والوصول إلى غايته، أسلوبًا بيانيًّا أخاذًا، يقوم على تجويد التعبير، ورعاية موسيقى الكلام، والاهتمام برسم الصور، وإثارة العاطفة؛ كل ذلك من غير التزام للسجع، ولا لغيره من المحسنات، ومن غير محاكاة للمقامات ولا غيرها من مخلفات التراث، بل مع إبداع وابتكار وأصالة، وشخصية تتضح في الأسلوب كما تتضح في طريقة القصص، وغايته جميعًا٢.

وأعمال المنفلوطي القصصية من حيث مصدرها نوعان: نوع أساس فكرته وأهم أحداثه من أصل أجنبي، ونوع أساس فكرته وأحداث مخترع، أما النوع الأول، فيتمثل في روايته التي ترجمت له أحداثها، والتي معظمها


١ انظر: حديث عيسى بن هشام ص١٠٣ وما بعدها.
٢ انظر: تطور الرواية العربية ص١٧٨ وما بعدها، والأدب العربي المعاصر في مصر للدكتور شوقي ضيف ص٢٢٩، وما بعدها.

<<  <   >  >>