للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس من شك في أن جورجي زيدان قد تأثر ببعض الكتاب الغربيين ممن اشتهروا بالرواية التاريخية، مثل "إسكندر دوماس الأب"، الذي كتب سلسلة من الروايات عن التاريخ الفرنسي، تصل إلى عصر لويس الحادي عشر، ومثل "والتر سكوت" الكاتب الإنجليزي الذي يعد من أبرز رواد هذا النوع من الروايات١.

على أن جورجي زيدان قد خالف هذين الكاتبين في أن كلا منهما متأثر بالإحساس القومي تأثرًا جعلهما يستخدمان التاريخ في إبراز هذا الإحساس. أما جورجي زيدان، فليس وراء كتابته إحساس قومي، وإنما وراءها تعليم للتاريخ بشكل جذاب، ومن هنا جعل الفن القصصي في خدمة التاريخ على عكس الكاتبين الغربيين، وتبعًا لعدم اهتمام جورجي زيدان بالجانب القومي. كان لا يلجأ دائما إلى الفترات المشرقة التي تمثل أمجاد العرب والإسلام، وإنما كان يلجأ إلى المواقف الحساسة، التي تحوي صراعًا بين مذهبين سياسيين أو عنصرين بشريين، يتنازعان على السلطان والنفوذ.

ويدخل في هذا الباب ما يلاحظ من إنصاف جورجي زيدان للشعوب الأعجمية، واهتمامه بالأديرة والرهبان، وتصويره -أحيانًا- لبعض الشخصيات الكبيرة في تاريخنا بصورة الوصوليين الذين يحاولون الكسب والسيطرة، ولو بقتل أقرب الناس إليهم٢.

وتحوي كل رواية من روايات جورجي زيدان عنصرين أساسيين، الأول عنصر تاريخي يعتمد على الحوادث والأشخاص التاريخية، والثاني عنصر خيالي يقوم على علاقة غرامية بين محبين، تقف بينهما الحوائل، حتى تقارب الأحداث التاريخية النهاية، فتنمحي تلك الحوائل، ويتم اجتماع الشمل. ففي "أرمانوسة المصرية" مثلًا يتناول العنصر التاريخي فتح العرب لمصر، ويقوم العنصر الخيالي على حب "أرمانوسة" المسيحية ابنة المقوقس


١ انظر: تطور الرواية العربية ص٩٠-٩٢. وانظر أيضًا.
The Cambridge history of English Literature. Vol. ١٢ p.٢
٢ تطور الرواية العربية ص٩٠-٩٤، والفن القصصي ص١٤٥.

<<  <   >  >>