للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لأركاديوس" ابن قائد الروم، والحائل بين الحبيبين هو طلب الإمبراطور نفسه الزواج من "أرمانوسة"، حتى ليوشك الزفاف أن يتم بإرسال الفتاة إلى القسطنطينية، ثم تحدث المعجزة، وتحل العقدة حين تعود "بأرمانوسة" حملة عمرو بن العاص، وهو قادم إلى مصر، وتصل "أرمانوسة" مع الحملة إلى الإسكندرية معززة مكرمة، لتلتقي بحبيبها "أركاديوس"، وتتزوج به بعد نهاية الفتح١.

وتكرر العقدة القصصية على هذا الوجه في روايات جورجي زيدان، واختياره للشخصيات إما خيرة أبدًا، وإما شريرة أبدًا ليمثل بينها الصراع، وعدم اهتمامه بالتحليل للأشخاص والترابط، والنمو للأحداث، واعتماده كثيرًا على المغامرة والمفاجأة والصدفة؛ كل ذلك أضعف رواياته من الناحية الفنية٢، ومع ذلك فروايات جورجي زيدان تمثل المرحلة الأولى من مراحل الرواية التاريخية، التي سوف تصل إلى مستوى النضج في فترات تالية، حيث تهدف إلى بعث الروح القومي، وتتبع الأسلوب الفني المتلافي للأخطاء التي وقع فيها جورجي زيدان، صاحب الفضل في ريادة هذا الطريق٣.

وهكذا نجد جورجي زيدان قد استفاد من التراث في المادة التاريخية، ثم في بعض العناصر القصصية، التي أقام عليها الأحداث الخيالية في رواياته، وكان مصدره في المادة التاريخية كتب التاريخ، كما كان مصدره في بعض العناصر القصصية، القصص الشعبي.. كذلك استفاد الشكل الروائي من الأدب الغربي وخاصة كتابات الروائيين التاريخيين، وإن خالفهم فكان مؤرخًا في قالب رواية، وكانوا روائيين بمادة تاريخ.

وهذا نموذج من كتابة جورجي زيدان الروائية التاريخية، وهو من رواية


١ المصدر الأخير ص١٤٥-١٤٦.
٢ الفن القصصي ص١٤٥-١٥١، وتطور الرواية العربية ص٩٧-١٠٦، وانظر: في القيم الفنية للرواية الصحيحة Aspects of the novel: Forster.
٣ انظر: الفن القصصي ص١٥١-١٥٢، وتطور الرواية العربية ص١٠٦.

<<  <   >  >>