للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحذر من الناس لا تركن إلى أحد ... فالخل في مثل هذا العصر مفقود

بواطن الناس في ذا الدهر قد فسدت ... فالشر طبع لهم والخير تقليد١

على أن نماذج قليلة من شعر تلك الفترة كانت أقل تكلفًا، وأكثر قربًا من روح الشعر، ومن تلك النماذج قول الشيخ حسن العطار٢ راثيًا:

أحاديث دهر قد ألم فأوجعا ... وحل بنادي جمعنا فتصدعا

لقد صال فينا البين أعظم صولة ... فلم يخل من وقع المصيبة موضعا

وجاءت خطوب الدهر تترى فكلما ... مضى حادث يعقبه آخر مسرعا

وحل بنا ما لم نكن في حسابه ... من الدهر، ما أبكى العيون وأفزعا

خطوب زمان لو تمادى أقلها ... بشامخ رضوى أو ثبيرٍ تضعضعا

وأصبح شأن الناس ما بين عائد ... مريضًا وثانٍ للحبيب مشيعا

لقد كان روض العيش بالأمن يانعا ... فأضحى هشيما ظله متقشعا

أيحسن ألا يبذل الشخص مهجة ... ويبكي دمًا إن أفنت العين أدمعا

وقد سار بالأحباب في حين غفلة ... سرير المنايا عاجلا متسرعا

وفي كل يوم روعة بعد روعة ... فلله ما قاسى الفؤاد وروعا٣

ولعل السبب في قرب بعض نماذج قليلة كهذه من روح الشعر، أن أصحابها كانوا على شيء من الصلة بالشعر القديم الجيد، فالشيخ العطار مثلًا قد جمع طائفة من أشعار ابن سهل الإشبيلي، قد نشرت على أنها ديوان هذا الشاعر


١ الآداب العربية للويس شيخو جـ١ ص٤٩.
٢ اقرأ ترجمته في: تاريخ الجبرتي جـ٤ ص٢٣٢، والخطط التوفيقية جـ٤ ص٣٨، ومناهج الألباب المصرية لرفاعة الطهطاوي ص٣٧٦، وتاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص٢٣٢، وتاريخ الحركة القومية للرافعي جـ٣ ص٧٤٢.
٣ هذه الأبيات من قصيدة واردة في الجبرتي جـ٤ ص٢٣٢- ٢٣٣، وهي في رثاء الشيخ محمد الدسوقي.

<<  <   >  >>