على إجلالهما أو التسليم بما اشتملا عليه، أو استقر حولهما من قضايا.
وليس يخفى ما وراء نظرة الدكتور طه حسين كذلك من إحساس قوي بالحرية الفردية، وتشبع هائل بالروح الثورية، مما جعله يخرج على الناس بهذه الآراء التي زلزلت أفكارهم وأثارت مشاعرهم، وجرت عليه كثيرًا من الخصومات والخصوم، حتى تجاوز الأمر الوسط العلمي والأدبي، وعرضت القضية في البرلمان، وأوشكت أن تطوح بالمؤلف خارج الجامعة، لولا أن هدد رئيس الوزارة حينذاك بالاستقالة، فسكنت العاصفة إلى حين، واكتفى بمصادرة الكتاب، الذي أدخل عليه صاحبه بعد التعديلات التي لم تمس فكرته الأساسية، ونشره بعد ذلك باسم "في الأدب الجاهلي"١.
كذلك ظهر كتاب "الديوان" للعقاد والمازني في جزأين، ظهر أولهما سنة ١٩٢٠، وثانيهما سنة ١٩٢١، وقد نادى فيه المؤلفان بأسس جديدة للأدب ونقده، كما ناديا أساسًا بعدم محاكاة القدماء، وبالأصالة، وبرفض اتخاذ الأنماط الأدبية القديمة مثلًا للأدب المصري الحديث، وقد ركزا على تحطيم من تمثل فيهم الارتباط بالتراث، ومحاكاة الأدب القديم، وهما شوقي في الشعر، والمنفلوطي في النثر، هذا بالإضافة إلى هجمات أخرى على بعض الشعراء
١ كانت الخلافات الحزبية من محركات هذه الزوبعة، فقد كانت الأغلبية البرلمانية وفدية حينذاك، وكان رئيس مجلس النواب هو سعد، ولذا انتقلت القضية إلى مجلس النواب لينال من طه حسين الموالي للأحرار الدستوريين. ولكن رئيس الوزراء حينذاك كان عبد الخالق ثروت، وكانت عواطفه مع الأحرار الدستوريين، وكان طه حسين قد جعل إهداء كتابه إليه، ومن هنا دافع عنه رئيس الوزراء على حين هاجمه رئيس مجلس النواب، ونظرًا لتهديد رئيس الوزراء بالاستقالة، قد انتقلت القضية من مجلس النواب إلى النيابة، التي صادرت الكتاب، اقرأ تفصايل هذه القضية في كتاب "فصول ممتعة" لمحمد سيد كيلاني، واقرأ عدد الهلال الصادر أول فبراير سنة ١٩٦٦ الخاص بطه حسين ص١٥، ١٥٩ وما بعدها. وانظر: كتاب الاتجاهات الوطنية جـ٢ ص٣٨٦ وما بعدها وكتاب: "المعركة بين القديم والجديد" ص١٥٨-١٦٥, و"حياة الرافعي" لسعيد العريان ص١٥٤-١٦٠.