كلها حول فكرة الانفصال عن التراث، والماضي العربي الإسلامي، وكانت هذه الكتابات -في جملتها- بأقلام أصحاب الاتجاه العربي الإسلامي، من أمثال محمد رشيد رضا، وشكيب أرسلان، ومصطفى صادق الرافعي١.
كذلك كثرت المقالات وتعددت الكتب التي ترد على آراء طه حسين في كتابيه "حديث الأربعاء" و"في الشعر الجاهلي"، وقد حظي كتابه "في الشعر الجاهلي" بصفة خاصة، بعدة كتب ألفها أصحابها في الرد عليه، وأهم هذه الكتب:"تحت رآية القرآن" للرافعي، و"نقد كتاب الشعر الجاهلي" لمحمد فريد وجدي، و"نقض كتاب في الشعر الجاهلي" للخضر حسين، و"النقد التحليلي لكتاب في الأدب الجاهلي" للدكتور محمد الغمراوي.
كذلك قوبل اتجاه "الديوان" في الأدب والنقد، باتجاه مضاد، مثلًّه كتاب "على السفود" الذي أخرجه مصطفى صادق الرافعي سنة ١٩٣٠، بعد أن نشره مقالات في مجلة العصور، بين سنتي ١٩٢٩و ١٩٣٠. وقد صور هذا الكتاب بعض آراء المحافظين في الأدب والنقد، وجعلها في مواجهة آراء أصحاب الاتجاه الغربي، التي مثَّل بعضها "الديون"، ولكن "على السفود" صور قبل كل شيء حدة الصراع الأدبي، وضراوته التي بلغت ذروتها في ذلك الحين، فقد هاجم الرافعي في كتابه العقاد، وأدبه هجومًا نأى كثيرًا عن الموضوعية، وبعد عن أسس النقد، وقرب جدًّا من السباب الخالص.
ومن الحق أن نقرر أنه منذ سنة ١٩٣٢، قد بدأت الحدة التي شهدتها السنوات الأولى من هذه الفترة تخف، فلم نعد نرى مظاهر الشعور الحاد باستقلال الشخصية المصرية، هذا الشعور الذي حمل أحيانًا على الدعوة إلى الانفصال عن الماضي العربي والتراث الإسلامي، ولم نعد نرى مظاهر الإحساس المفرط بالحرية الفردية، هذا الإحساس الذي دفع أحيانًا إلى الجرأة على التراث والسخرية ببعض المقدسات، كذلك لم نعد نرى مظاهر التشبع
١ اقرأ أمثلة لتلك الكتابات في: "المعركة بين القديم والجديد" للرافعي. وانظر: أيضًا مقال الدكتور علي العناني في الهلال، أول نوفمبر سنة ١٩٣٢.