للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرفض، والإقرار "بلا جدوى شيء في هذا الوجود"، ففي ذلك الجزء من ديوان العقاد، نراه -مثلًا- يقول في قطعة بعنوان "سيان":

يا شمس ما ضرك لو لم تشرقي؟ ... يا روض ما ضرك أو لم تعبق؟

يا قلب ما ضرك لو لم تخفق؟! ... سيان في هذا الوجود الأحمق

من كان مخلوقًا ومن لم يخلق١!!

وإنما قلت: "إن شعر العقاد في تلك الفترة قد سار -في جملته-" على المبادئ التي ارتضاها هو وزميلاه من قبل، ولم أقل: قد سار كله على تلك المبادئ؛ لأن العقاد كان في بعض هذا الشعر يفعل فعل الشعراء المحافظين، من حيث النظم في المناسبات والسياسات والإخوانيات، التي تصل أحيانًا إلى حد التفاهة. وليس من شك أن روح الفترة التي عرفنا أنها كانت فترة صراع سياسي، قد أثرت على العقاد، فحادت به -بعض الشيء- عن الطريق الذي رسمه هو وصاحباه من قبل، وليس من شك أيضًا في أن ارتباط الشاعر ببعض الهيئات، وصلته ببعض الأصدقاء، قد كان من العوامل التي ورطته في بعض شعر المناسبات والإخوانيات، إلى جانب ما ورطته فيه صراعات الفترة من شعر السياسيات.

فمثلًا نرى العقاد في الجزأين الثالث والرابع من ديوانه الأول، قد أورد قصائد تخالف ما أخذ به نفسه هو وصاحباه من قبل، وتماثل ما أخذه على خصومه، حين هاجم رثائهم، وأمداحهم وتهانيهم، وما إلى ذلك من شعر المناسبات. فنحن نطالع له في الجزء الثالث قصيدة رثاء السلطان حسين٢، وأخرى في رثاء محمد

فريد٣، وثالثة في رثاء الطلبة الذين ذهبوا ضحية حادث قطار في إيطاليا٤.

كما نطالع له في الجزء الرابع قصيدة في سعد زغلول بمناسبة عودته من


١ انظر: ديوان العقاد ص٢٩٨.
٢ انظر: ديوان العقاد ص٢١٨-٢١٩.
٣ انظر: ديوان العقاد ص٢٢٨-٢٣١.
٤ انظر: ديوان العقاد ص٢٣١-٢٣٣.

<<  <   >  >>