للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما كتابات أبي شادي الشعرية في مجال القصة، فأهمها قصتان نشرهما سنة ١٩٢٦، هما "عبده بك" و"مها"١. والأولى تحكي حكاية زواج رجل مصري من الطبقة الوسطى، بثلاث زوجات تباعًا، الأولى منهن مصرية، يفشل زواجه بها لنقص تربيتها وسوء اختياره لها، والثانية أجنبية، يفشل زواجه بها أيضًا، ولكن نتيجة للتنافر بين الزوجين، واختلاف طباعهما وتقاليدهما، والثالثة من بنات وطنه وبيئته، وينجح زواجه بها لتجنبه الأخطاء التي تورط فيها حين تزوج من السابقتين، وفي خلال هذه القصة يعرض المؤلف ما كان من مهازل الزواج، وما كان يحيط به قبل التطور الاجتماعي من المفارقات وسيئ العادات، كالوسطاء والخاطبات، والأطماع والاندفاع، وعدم رعاية القيم المعنوية التي يجب أن تطلب في الزوجة، والاهتمام بشكليات لا تغني في نجاح الحياة الزوجية شيئًا.

وأما القصة الثانية "مها"، فتحكي حكاية فتاة عربية أحبها ضابط إنجليزي، وأحبته أثناء الحرب العالمية الأولى، في مكان قرب العقبة، وحين رفض أبوها زواجهما هرب الحبيبان، حيث مات المحب في شعاب الجبل، وانتحرت الفتاة فوق جثته بطلقة نارية صوبتها إلى صدرها من مسدسه.

والملاحظ على القصتين، أنهما ضعيفتان من الناحية الفنية؛ لأن الشعر ليس لغة القِصص التي يمكن أن تندرج بحق تحت هذا الجنس الأدبي، إذ الشعر يضيق بأوزانه وقوافيه وأسلوبه، عن الوصف والتحليل، ورسم الشخصيات، وما إلى ذلك من عناصر قصصية ضرورية لنجاح القصة الفنية، ومجال القصة الوحيد هو النثر، الذي نشأت القصة.

ظلاله وصارت تتخذ لغة في جميع الآداب٢، وهذا لا يمنع من اتساع الشعر للأقاصيص القصار، التي لا تحتاج إلى عناصر قصصية تحتم مرونة


١ له بعض القصص الشعرية التي ظهرت قبل ذلك مثل "نكبة نافارين" و"مفخرة رشيد"، الأولى سنة ٢٤ والثانية سنة ١٩٢٥.
٢ انظر: الشعر المصري بعد شوقي للدكتور محمد مندور الحلقة الثانية ص١٩-٢١.

<<  <   >  >>