"ولكنك مبتهج راض للحياة، حين تقرأ شعر ابن أبي ربيعة؛ فلم يكن قلبه جريحًا، ولم تكن نفسه كئيبة، ولم يكن يرى الحياة إلا لهوًا أو سبيلًا إلى اللهو. وأنت حين تقرأ ما يظهر ابن أبي ربيعة فيه الحزن والأسى مطمئن راض، بل مبتسم؛ لأنك تعلم أن هذا الحزن إنما هو وسيلة إلى السرور، ومذهب من مذاهب الاستعطاف، وسبيل من سبل اللذة".
"لا أضع ابن أبي ربيعة بإزاء "ألفرد دي موسيه"، وإنما أضعه بإزاء رجل فرنسي آخر هو أخوه حقًا، هو صورته الصادقة لولا ما بينهما من فروق البيئة والجيل، ولكن نفسيهما نفس واحدة، ولكن حسيهما حس واحد، ولكن مذهبيهما في الحب، وإعلانه مذهب واحد، كلاهما أحب بحسه وأخضع قلبه لحسه، وكلاهما فتن النساء، وكلاهما تحدث بفنه للنساء حديثًا حلوًا خلابًا، وكلاهمها تعمق الحب الحسي حتى وصل إلى قرارته، وكلاهما أحب حتى كره الحب، ولذ حتى زهد اللذة، وكلاهما لم يعرف لحبه موضعًا يقصره عليه، فكان يترك هذه ليحب تلك، ويخلص من هذه ليقع في شراك تلك".
"سألتني عن هذا الفرنسي الذي يشبه عمر بن أبي ربيعة هذا الشبه القوي الغريب، ليس شاعرًا ولكنه ناثر كالشاعر، أنت تعرفه حق المعرفة؛ لأن بينك وبينه صلة قوية؛ لأنه صديق الشرق عامة وصديق مصر خاصة: بييرلوتي ... ١".
ب- طريقة العقاد:
وإنما آثرت لطريقة العقاد اسم "طريقة التعبير المحكم"؛ لأنه يعمد إلى التعبير عما عنده بألفاظ وجمل محكمة، فيها الدقة، وفيها القصد، وفيها التركيز، وفيها دسامة الزاد قبل أن يكون فيها رونق الشكل، فلا إفراط في