إلى غير المتوقع، وقد يسبب ذلك بعض الغموض الذي يصل أحيانًا إلى حد الإلغاز.
ومن خصائص طريقة الرافعي -أو طريقة البيان المفطر- أنها تستلهم المعجم القرآني والسني والتراثي على وجه العموم؛ حيث يتكئ الكاتب في كثير من المواطن على لفظة أو عبارة من القرآن الكريم، أو على كلمة أو جملة من الحديث الشريف، أو على حكمة أو مثل أو بيت شعر من مأثورات العرب.
ومما يكلم صورة طريقة الرافعي بعد ذلك كله، أنها تميل إلى استخدام بعض البديع، ولكن في اقتصاد وفنية، وبعض هذا البديع يأتي لخدمة الجانب البياني المتصل بروعة الصياغة، كالسجع والجناس، وبعضه يأتي لخدمة الجانب المعنوي الجاانح إلى توليد الأفكار كالمقابلة والتورية.
وأهم ما يمثل فن المقالة عند الرافعي وأسلوبه الذي تم له في هذا الفن، تلك المقالات التي كان ينشرها في "الرسالة"، والتي جمع طائفة منها في كتابه "وحي القلم"، وهي تتناول خواطر نفسية، ومشاعر إنسانية، ومواقف إسلامية، وصورًا وصفية، ونظرات إصلاحية، ويغلب عليها جميعًا الطابع العربي، ويشيع فيها الروح الإسلامي، وتتسم في اتجاهها العام بالالتفات إلى التراث.
ولعل النموذج التالي يوضح ما ذُكر لطريقة الرافعي من خصائص، وهو جزء من مقال له بعنوان "حقيقة المسلم"، يقول فيه الكاتب:
"لا يعرف التاريخ غير محمد صلى الله عليه وسلم رجلًا أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله، كما تصب المادة في المادة، لتمتزج بها، فتحولها، فتحدث منها الجديد، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو، وإذ هو صلى الله عليه وسلم وجود سار فيها، فما تبرح الإنسانية تنمو به وتتحول".
"كان المعنى الآدمي في هذه الإنسانية، كأنما وهن من طول الدهر عليه