للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أثر كبير في تخليص لغة النثر عمومًا من التفاهة وأثقال المحسنات، وذلك بعد أن تطور هذا الشيخ١، وآمن بوجوب التخلص من تلك الآفات المعوقة، وكان قد استجاب لتوجيهات الأفغاني في وجوب الترسل، كما كان قد قرأ بعض التراث العربي البعيد عن الزخرف، كمقدمة ابن خلدون، وفتن بأسلوبها المرسل القوي المعبر، فلما أسند إليه تحرير "الوقائع المصرية" في عهد توفيق، عمل على تخليص كتاباتها من أوضار التقليدية المتخلفة، فكان يكتب كتابة موضوعية حية مرسلة، تعد نماذج رائدة إلى حد كبير، كما كان يحث الآخرين من كتاب "الوقائع" وغيرها على الأخذ بهذا الأسلوب الحي المرسل فيما يكتبون، ومن هذه الناحية يعتبر الشيخ محمد عبده ذا دور في إحياء النثر يشبه -إلى حد ما- دور البارودي في إحياء الشعر٢.

ويلاحظ أن أسلوب المقالة -في تلك الفترة- لم يتخذ شكلًا واحدًا بطبيعة


ثم صدر عفو عن الشيخ وعاد إلى وطنه، وعين قاضيًا في المحاكم الأهلية سنة ١٨٨٨، حيث عمل في محكمة بنها، ثم في محكمة الزقازيق، ثم في محكمة عابدين، ثم عين متسشارًا في محكمة الاستئناف، وسافر بعد ذلك مرات إلى فرنسا وسويسرا، وكان يحضر في جامعة جنيف أثناء العطلة الصيفية دروسًا في الآداب والحضارة، وكان قد أتقن الفرنسية، وعين سنة ١٨٩٩ مفتيًا للديار المصرية، كذلك عين عضوًا في مجلس شورى القوانين، وبذل جهدًا كبيرًا في إصلاح الأزهر، وإصلاح الفكر الديني على وجه العموم، وتوفي سنة ١٩٠٥.
اقرأ عنه في: تاريخ الشيخ محمد عبده لمحمد رشيد رضا، وفي: أدب المقالة الصحفية لعبد اللطيف حمزة جـ٢، وفي: محمد عبده للدكتور عثمان أمين.
١ بدأ الشيخ بأسلوب متكلف فيه عيوب العصر التقليدية، وتمثله مقالاته في الأهرام. انظر: أدب المقالة الصحفية في مصر للدكتور حمزة جـ٢ ص٧٦، وما بعدها وانظر: في دور الشيخ محمد عبده: Studies on the Civilization of Islam Gibb p>.٢٥٣
٢ انظر: أدب المقالة الصحفية جـ٢ ص٦٢، وما بعدها، والأدب العربي في مصر للدكتور شوقي ضيف، وفي الأدب الحديث لعمر الدسوقي، في حديثهما عن دور محمد عبده في تطوير النثر.

<<  <   >  >>