للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتنادي باتخاذ العامية لغة للتأليف العلمي والأدبي، وبإحلال العامية محل الفصحى في القراءة والكتابة١.

وهكذا عوُقت الحركة العلمية، وتناقص عدد المتعلمين، ووجدت اللغة العربية صعوبات وعراقيل، وأصبح من يشتغلون بها من الطوائف المضطهدة في رزقها، وفي وضعها الاجتماعي.

كذلك حل المستعمرون "مجلس شورى النواب"، بحجة أن المصريين لم يصلوا بعد إلى المرحلة التي يستطيعون فيها أن يكون لهم مجلس نيابي، أو حكومة ديمقراطية، وقد استعاضوا عن هذا المجلس بثلاث مؤسسات أخرى هي الجمعية العمومية، ومجلس شورى القوانين، ومجال المديريات، وكل هذه المؤسسات لا تغني عن المجلس النيابي شيئًا بطبيعة الحال، وإن برر الإنجليز مسلكهم العدواني بأنهم يريدون أن يدربوا المصريين على الحكم النيابي الذي لم يصلوا إلى مستواه في زعمهم٢.


١ من أمثلة الهجوم على الفصحى، ما دعا إليه "دوفرين" في تقريره المشهور سنة ١٨٨٣ من تحبيذ اللغة العامية والعناية بها، ثم ما قاله وليام ولكوكس" في خطبة ألقاها في نادي الأزبكية سنة ١٨٩٣، من أن العامل الأكبر في فقدان المصريين لقوة الاختراع هو استخدام الفصحى، ثم ما قاله: "ويلمور" أحد قضاة الإنجليز سنة ١٩٠١، من نصح المصريين بهجر الفصحى، ومن العرب الذين خدعوا بمثل تلك الدعوات: إسكندر معلوف السوري، الذي حاول أن يوهم المصريين بأن سبب تأخره هو استخدام الفصحى، وذلك في مقال له بالهلال في مارس سنة ١٩٠٢.
اقرأ: في الأدب الحديث لعمر الدسوقي جـ٢ ص٤٠، وما بعدها، ومقالا للدكتور علي عبد الواحد وافي في مجلة الرسالة، العدد الصادر في ٣ ديسمبر سنة ١٩٦٤، ومقالًا للأستاذ محمود شاكر في الرسالة عدد ٧ يناير سنة ١٩٦٥. وانظر: رسالة كاملة في هذا الموضوع للدكتورة نفوسة زكريا، وعنوان هذه الرسالة هو: تاريخ الدعوة إلى العامية وأثرها في مصر.
٢ انظر: مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال البريطاني ص٣٦-٥١.

<<  <   >  >>