للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبْحَانَهُ وَنُورِ وَجْهِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْرِقَ١ أَحَدًا، كَمَا لَوْ أَنَّ أَجْسَمَ رَجُلٍ وَأَعْظَمَهُ وَأَكْمَلَهُ٢ لَوْ أُلْقِيَ فِي الدُّنْيَا فِي تَنُّورٍ مَسْجُورٍ لَصَارَ رَمَادًا فِي سَاعَةٍ فَهُوَ يَحْتَرِقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَلْفَ عَامٍ وَأَكْثَرَ، وَنَارُهَا أَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا سَبْعِينَ ضِعفًا٣، لَا يَصِيرُ مِنْهَا رَمَادًا، وَلَا يَمُوتُ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} ٤؛ لِأَنَّ أَجْسَامَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ تُرَكَّبُ٥ يَوْمَئِذٍ لِلْبَقَاءِ، فَاحْتَمَلَتْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَمِلُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ٦ جُزْءٍ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ٧ تَحْتَمِلُ أَبْصَارُهُمُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ٨، وَلَوْ قَدْ أَدْرَكَهُمْ شَيْءٌ مِنْ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ فِي الدُّنْيَا لَاحْتَرَقُوا، كَمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم٩، وَلم


١ فِي ط، س، ش "يحرق" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة.
٢ فِي ط، س "وَكله" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
٣ يدل لهَذَا مَا أخرجه الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم.." الحَدِيث.
انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب بَدْء الْخلق/ بَاب صفة النَّار، وَأَنَّهَا مخلوقة/ حَدِيث ٣٢٦٥، ٣٣٠/٦، وصحيح مُسلم/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْجنَّة وَصفَة نعيمها وَأَهْلهَا/ بَاب فِي شدَّة حر نَار جَهَنَّم/ حَدِيث ٣٠، ٢١٨٤/٤.
٤ انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "٥٦".
٥ فِي ط، س، ش "تركبت".
٦ فِي ط، س "من ألف ألف جُزْء".
٧ فِي ط، س، ش "أَوْلِيَاء الله تَعَالَى".
٨ لفظ "يَوْم الْقِيَامَة" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
٩ أَي فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص"٧١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>