للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بقول: آمين. ولا يتأخر عنه. بل قد جاء التصريح بذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين. فإن الملائكة تقول: آمين. والإمام يقول: آمين. فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه “ ١.

١. إن قوله صلى الله عليه وسلم: “ فقولوا: آمين “ ليس خاصاً بالمأموم. بل يتناول عمومه جميع المصلين: من الإمام، والمأموم. وليس في الأحاديث ما يمنع ذلك. إذ ليس فيها التصريح بعدم تأمين الإمام، أو نهيه عن ذلك.

٢. إن تأويل قول أبي هريرة رضي الله عنه: “ لا تفتني بآمين “ بمعنى: لا تنازعني التأمين، الذي هو وظيفة المأموم. تأويل بعيد. إذ أن الأقرب لمعنى “ لا تفتني “ أي: لا تسبقني. إذ كان أبو هريرة رضي الله عنه حريصاً على إدراكها مع الإمام، لما في إدراكها من فضيلة. وقد جاء هذا المعنى صريحاً في رواية عبد الرزاق: “ لا تسبقني بآمين “. وهو نحو قول بلال رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم:“ لا تسبقني بآمين “ ٢.

٣. وأما استدلالهم بالآية على اختصاص الإمام بالدعاء، والمأموم بالتأمين. فقد كفانا أبو محمد، ابن حزم الجواب عليه، فقال ـ كما هي عادته في التعنيف أثناء ردوده ومناقشاته ـ:

“واحتج أيضا في أن لا يقول الإمام: آمين. إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، بأن موسى عليه السلام إذا دعا، لم يؤمّن، وأمّن هارون عليهما السلام. فسماهما تعالى داعيين بقوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} قال أبو محمد: وفي هذا الاحتجاج من الغثاثة، والبرد،


١ تقدم تخريجه. وانظر: المغني ٢/١٦٢.
٢ انظر: فتح الباري ٢/٢٦٢، ٢٦٣.

<<  <   >  >>