للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} ولم يقل: قد أجيب تأمينكما. فمن قال: الدعاء تأمين. فمغفل، لا رؤية له. على أن قوله عزوجل: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} إنما قيل لأن الدعوة كانت لهما، وكان نفعها عائدا عليهما بالانتقام من أعدائهما. فلذلك قيل: {أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} ولم يقل: دعوتاكما. ولو كان التأمين دعاء، لقال: قد أجيبت دعوتاكما. وجائز أن يسمى المؤمّن داعياً، لأن المعنى في آمين: اللهم استجب لنا. على ما قدمنا ذكره. وهذا دعاء وغير جائز أن يسمى الدعاء تأمينا. والله أعلم “ ١.

١. أما قولهم: إن التأمين جواب للدعاء، فيختص به المأموم, أو قولهم: إن القسمة تقتضي أن الإمام لا يقولها. فالجواب عليه: إن سُلِّم هذا التعليل، فإنه لا تُعارض به النصوص الصحيحة الصريحة في تأمين النبي صلى الله عليه وسلم، وإخباره بأن الإمام يؤمِّن٢. وهو خبر بمعنى الأمر، لما فيه من الحث والترغيب٣. والله أعلم.

٢. أما قولهم: إن معنى “ إذا أمّن الإمام “ أي: إذا بلغ موضع التأمين، أو أراد التأمين. فالجواب عليه، كما قال ابن العربي: هذا بعيد لغة وشرعاً. وقال ابن دقيق العيد: “ هذا مجاز. فإن وُجِد دليل يُرجحه على ظاهر الحديث..، عُمِل به، وإلا فالأصل عدم المجاز “ ٤.


١ التمهيد ٧/١٢.
٢ قال المرغيناني في الهداية ١/٤٨: (ولا متمسك لمالك ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله عليه الصلاة والسلام: “ إذا قال الإمام: {وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين “ من حيث القسمة، لأنه قال في آخره: “ فإن الإمام يقولها “.
٣ وقد أجيب عنه: بأن التأمين قائم مقام التلخيص بعد البسط، فالداعي فصّل المقاصد بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخره. والمؤمّن أتى بكلمة تشمل الجميع. فإن قالها الإمام، فكأنه دعا مرتين: مفصلا، ثم مجملا. انظر: فتح الباري ٢/٢٦٣.
٤ إحكام الإحكام ١/٢٠٧. وانظر: شرح الزرقاني ١/٢٦٠.

<<  <   >  >>