للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصوص بالأمر بالفرار من أسباب الهلاك، ومواطن العطب.

ويشكل على هذا أن ابن حجر الهيتمي ذكر الإجماع على جواز الفرار من أرض الوباء بخلاف الطاعون، نقل حكاية الإجماع عن السيوطي وأقره (١)، ونقل عن السيوطي أن الطاعون مختص عن سائر الأوبئة بـ (كونه شهادة، ورحمة، وتحريم الفرار منه) والفرار من سائر الأوبئة والمهالك جائز بالإجماع (٢).

وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- تعالى: لو كان الوباء غير الطاعون، هل يخرج فرارًا؟ فأجاب: لا بأس، يخرج (٣).

وهذا يقتضي أن سائر الأوبئة لا تقاس بالطاعون في حكم دخول البلد المصاب به والخروج منه فرارًا.

وعلى القول باختصاص الطاعون بهذا الحكم، فإن الوباء إذا انتشر في بلد ما، وتحقق الضرر بالدخول إليه، أو بالخروج منه، فإنه يحرم الدخول إليه والخروج منه، لا على أنه طاعون، بل للضرر الناتج عن ذلك، وقاعدة الشريعة أنه: لا ضرر ولا ضرار، أما إن لم يتحقق الضرر فتحريم الخروج والدخول غير متجه، وذلك بخلاف الطاعون فعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فرارًا منه» يقتضي المنع من الخروج سواء تحقق الضرر بالخروج أم لا، والله أعلم.


(١) الفتاوى الفقهية الكبرى (٤/ ١١)
(٢) المصدر السابق (٤/ ١١)
(٣) مسائل الإمام ابن باز (ص: ٢٥٠)

<<  <   >  >>