مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ مَا أَخْرَجَنِي إِلا مَا أَجِدُ مِنْ حَاقِّ الْجُوعِ١ قَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِك إِذْ خرج عَلَيْهِمَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ" قَالا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنَا إِلا مَا نَجِدُ فِي بُطُونِنَا مِنْ حَاقِّ الْجُوعِ قَالَ: "وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ فَقُومَا" فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا بَابَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَّخِرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَاما مَا كَانَ أَوْ لَبَنًا فَأَبْطَأَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يَأْتِ لِحِينِهِ فَأَطْعَمَهُ لأَهْلِهِ وَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلِهِ يَعْمَلُ فِيهِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْبَابِ خَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ مَرْحَبًا بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبمن مَعَه فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَيْنَ أَبُو أَيُّوب" فَسمع وَهُوَ يَعْمَلُ فِي نَخْلٍ لَهُ فَجَاءَ يَشْتَدُّ فَقَالَ مَرْحَبًا بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ بالحين الَّذِي كنت تَجِيء فِيهِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقْتَ" قَالَ فَانْطَلَقَ فَقَطَعَ عِذْقًا مِنَ النَّخْلِ فِيهِ مِنْ كُلِّ من التَّمْر وَالرّطب والبسر فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا أَلا جنيت لنا من تمره" قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَحْبَبْتُ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ تَمْرِهِ وَرُطَبِهِ وَبُسْرِهِ وَلأَذْبَحَنَّ لَكَ مَعَ هَذَا قَالَ: "إِنْ ذَبَحْتَ فَلا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ" فَأَخَذَ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَذَبَحَهُ وَقَالَ لامْرَأَتِهِ اعجني واخبزي وَأَنْتِ أَعْلَمُ بِالْخَبْزِ فَأَخَذَ الْجَدْيَ فَطَبَخَهُ وَشَوَى نصفه فَلَمَّا أدْرك الطَّعَام وَوضع بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه أَخذ من الجدي فَجعله فِي رغيف وَقَالَ يَا أَبَا أَيُّوبَ أَبْلِغْ بِهَذَا فَاطِمَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تُصِبْ مِثْلَ هَذَا مُنْذُ أَيَّامٍ فَذَهَبَ بِهِ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى فَاطِمَةَ فَلَمَّا أَكَلُوا وَشَبِعُوا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَتَمْرٌ وَبُسْرٌ وَرُطَبٌ وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هَذَا هُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "بَلْ إِذَا أَصَبْتُمْ مثل هَذَا فضربتم بِأَيْدِيكُمْ فَقولُوا باسم الله فَإِذا شَبِعْتُمْ فَقُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَشْبَعَنَا وأنعم علينا وَأفضل فَإِن هَذَا كفاف بِهَذَا" فَلَمَّا نَهَضَ قَالَ لأَبِي أَيُّوبَ ائْتِنَا غَدًا وَكَانَ لَا يَأْتِي أحد إِلَيْهِ مَعْرُوفًا إِلا أَحَبَّ أَنْ يُجَازِيَهُ قَالَ وَإِنَّ أَبَا أَيُّوبَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرك أَنْ تَأْتِيَهَ غَدًا فَأَتَاهُ مِنَ الْغَدِ فَأَعْطَاهُ وليدة فَقَالَ: "يَا أَبَا أَيُّوبَ اسْتَوْصِ بِهَا خَيْرًا فَإنَّا
١ الحاق والحيق: مايشتمل على الْإِنْسَان من مَكْرُوه..وَمِنْه {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute