للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالُهُ كَوَدِيعَتِهِ، وَمَا عِنْدَ شَرِيكِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا فَيْئًا، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ بِلَا غَلَبَةٍ عَلَيْهِمْ فَدَيْنُهُ وَقَرْضُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَصِرْ مغنومة إِ هـ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدِّيَةَ دَيْنٌ عَلَى الْجَانِي فَتَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَاسْتِرْقَاقُهُ، فَلَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِسَيِّدِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى مِلْكِ السَّيِّد، لانه إِنَّمَا استرقه مجنيا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالبَة الْجَانِي بشئ، فَتَدَبَّرْهُ.

قَوْلُهُ: (الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْكَفَّارَةِ) الْأَوَّلُ هُوَ الْعَمْدُ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي ثَلَاثَة أقسان: شبه عمد، وَهُوَ أَن يعْتَمد قَتله بِمَا لَا يقتل غَالِبا كالسوط، وخطى كَأَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَمَا جَرَى مجْرَاه كانقلاب نَائِم علء شَخْصٍ أَوْ سُقُوطِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ فَخَرَجَ الْقَتْلُ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُهُمَا، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ رَوْشَنًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَقَتَلَ

مُوَرِّثَهُ، أَوْ أَقَادَ دَابَّةً أَوْ سَاقَهَا فَوَطِئَتْهُ، أَوْ قَتَلَهُ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ وَجَدَ مُوَرِّثَهُ قَتِيلًا فِي دَارِهِ، أَوْ قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، وَكَذَا عَكْسُهُ إنْ قَالَ: قَتَلْته وَأَنَا عَلَى حَقٍّ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ، وَخَرَجَ الْقَتْلُ مُبَاشَرَةً مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَالْكَفَّارَةِ.

وَتَمَامُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ وَغَيْرِهِ.

وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَمْزًا: إذَا قَتَلَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ أَوْ ذَاتَ رَحِمٍ مِنْ مَحَارِمِهِ الْمُؤَنَّثِ لِأَجْلِ الزِّنَا يَرِثُ مِنْهَا عِنْدَنَا، خِلَافًا للشَّافِعِيّ اهـ: يَعْنِي مَعَ تَحَقُّقِ الزِّنَا، أَمَّا بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ فَلَا، كَمَا يَقَعُ مِنْ فَلَّاحِي الْقُرَى بِبِلَادِنَا فَادْرِ ذَلِكَ.

رَمْلِيٌّ.

وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُوجِبِ جَرَى عَلَى الْغَالِب، إِذا الْحُكْمُ فِيمَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَذَلِكَ، كَمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَتُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ يُحْرَمُ الْإِرْثَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ بِحَقٍّ أَوْ لَا مُبَاشَرَةٍ أَوْ لَا، وَلَوْ بِشَهَادَةٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ لِشَاهِدٍ بِقَتْلٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْمَقْتُولِ) بِأَنْ جَرَحَهُ جُرْحًا صَارَ بِهِ ذَا فِرَاشٍ فَمَاتَ الْجَارِحُ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (إسْلَامًا وَكُفْرًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ عِنْدَنَا، لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُورَثُ عِنْدَنَا) أَي من كسب إِسْلَامه وَكسب ردته فئ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَالَا: لِلْوَارِثِ الْمُسْلِمِ كَكَسْبِ الْمُرْتَدَّةِ.

قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَقَالَ: كَسْبَاهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (فَأَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَوْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَرِثُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا، فَهُوَ مُسْلِمٌ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعند الْولادَة تبعا، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا) أَقُولُ: قَيَّدَ بِقَوْلِهِ صَرِيحًا لِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً، فَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إرْثُ الْحَمْلِ فَأَضَافُوا الْإِرْثَ إلَيْهِ وَهُوَ حَمْلٌ، وَأَمَّا اشتراطهم خُرُوجه حَيا فليتحقق وُجُودِهِ عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا: جَمَادٌ يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: مَتَى انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا إنَّمَا لَا يَرِثُ إذَا انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا فُصِلَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ.

بَيَانُهُ: إذَا ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَرِثَ، لِأَنَّ الشَّارِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>