الْقَضَاء أَنَّهَا تُقَام على الْمقر فِي وَارِثٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَتُقَامُ عَلَيْهِ لِلتَّعَدِّي، وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ فَبَرْهَنَ الْوَصِيُّ، وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ، ثمَّ زِدْت الْآن رَابِعا من جَامع الْفُصُولَيْنِ من فصل الِاسْتِحْقَاق قَالَ: المرجوع عَلَيْهِ عِنْد الِاسْتِحْقَاق لَو أقرّ الِاسْتِحْقَاق وَمَعَ ذَلِك برهن الرَّاجِع على الِاسْتِحْقَاق كَانَ لَهُ أَن يرجع على بَائِعه إِذْ الحكم وَقع بِبَيِّنَة لَا بِإِقْرَار، لانه مُحْتَاج إِلَى أَن يثبت عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاق ليمكنه الرُّجُوع على بَائِعه.
وَفِيه لَو برهن الْمُدَّعِي ثمَّ أقرّ الْمُدعى عَلَيْهِ بِالْملكِ لَهُ يقْضِي لَهُ بالاقرار لَا بِبَيِّنَة، إِذا الْبَيِّنَة إِنَّمَا تقبل على الْمُنكر لَا على الْمقر.
وَفِيه من مَوضِع آخر: فَهَذَا يدل على جَوَاز إِقَامَتهَا مَعَ الاقرار فِي كل مَوضِع يتَوَقَّع الضَّرَر من غير الْمقر لولاها فَيكون هَذَا أصلا.
اهـ.
قَوْله: (بِلَا طلب الْمُدَّعِي) وإعلامه الْمُدعى عَلَيْهِ أَنه يُرِيد الْقَضَاء عَلَيْهِ أدب غير لَازم وَتقدم فِي الْقَضَاء أَنه مَتى قَامَت الْبَيِّنَة العادلة وَجب على القَاضِي الحكم بِلَا تَأْخِير.
مطلب: لَا يجوز للْقَاضِي تَأْخِير الحكم بعد شَرَائِطه إِلَّا فِي ثَلَاث قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ شَرَائِطه إِلَّا فِي ثَلَاث مَوَاضِع: الاولى: رَجَاء الصُّلْح بَين الاقارب.
الثَّانِيَة: إِذا استمهل الْمُدَّعِي.
الثَّالِثَة: إِذا كَانَ عِنْده رِيبَة اهـ.
قَوْله: (وَإِلَّا حلفه الْحَاكِم) لانه لَا بُد أَولا من سُؤال القَاضِي الْمُدَّعِي بعد إِنْكَار الْخصم عَن الْبَيِّنَة ليتَمَكَّن من
الِاسْتِحْلَاف لَان النَّبِي (ص) قَالَ للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة؟ فَقَالَ لَا، فَقَالَ: لَك يَمِينه سَأَلَ ورتب الْيَمين على عدم الْبَيِّنَة، وَإِنَّمَا تعْتَبر إِقَامَتهَا بعد الانكار والاستشهاد من الْمُدَّعِي، حَتَّى لَو شهدُوا بعد الدَّعْوَى والانكار بِدُونِ طلب الْمُدَّعِي الشَّهَادَة لَا تسمع عِنْد الطَّحَاوِيّ، وَعند غَيره تسمع كَمَا فِي الْعمادِيَّة.
وفيهَا: ثمَّ بعد صِحَة الدَّعْوَى إِنَّمَا يسْتَحْلف فِيهَا سوى الْقصاص بِالنَّفسِ فِي مَوضِع يجوز الْقَضَاء بِالنّكُولِ.
وَفِي مَوضِع: لَا يجوز الْقَضَاء بِالنّكُولِ لَا يجوز الِاسْتِحْلَاف.
وتحليف الاخرس أَن يُقَال لَهُ عَلَيْك عهد الله وميثاقه أَنه كَانَ كَذَا فيشير بنعم.
بَحر.
وَإِنَّمَا يظْهر لَو كَانَ يسمع.
وَانْظُر حكم الاخرس الَّذِي لَا يسمع، وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْأَبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا الْوَصِيّ فِي مَال الْيَتِيم وَلَا الْمُتَوَلِي فِي مَال الْوَقْف، وَسَيَأْتِي فِي كَلَام المُصَنّف وَيذكر تَمَامه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (بعد طلبه) قيد بِهِ لَان الْحلف حَقه، وَلِهَذَا أضيف إِلَيْهِ بِحرف اللَّام فِي الحَدِيث وَهِي للتَّمْلِيك، وَإِنَّمَا صَار حَقًا لَهُ لَان الْمُنكر قصد إتواء حَقه على زَعمه بالانكار فمكنه الشَّارِع من إتواء نَفسه بِالْيَمِينِ الكاذبة، وَهِي الْغمُوس إِن كَانَ كَاذِبًا كَمَا يزْعم وَهُوَ أعظم من إتواء المَال، وَإِلَّا يحصل للْحَالِف الثَّوَاب بِذكر الله تَعَالَى، وَهُوَ صَادِق على وَجه التَّعْظِيم، وَلَا بُد أَن يكون النّكُول فِي مجْلِس الْقَضَاء لَان الْمُعْتَبر يَمِين قَاطع للخصومة، وَلَا عِبْرَة للْيَمِين عِنْد غَيره.
وَلَو حلفه القَاضِي بِغَيْر طلبه ثمَّ طلب الْمُدَّعِي التَّحْلِيف فَلهُ أَن يحلفهُ ثَانِيًا كَمَا فِي الْعمادِيَّة.
وَلَو حلف بِطَلَب الْمُدَّعِي بِدُونِ تَحْلِيف القَاضِي لم يعْتَبر، وَإِن كَانَ بَين يَدَيْهِ، لَان التَّحْلِيف حق القَاضِي بِطَلَب الْمُدَّعِي كَمَا فِي الْقنية.
وَيَأْتِي تَمَامه فِي كَلَام المُصَنّف.
وَأطلق الْحَالِف فَيشْمَل الْمُسلم وَالْكَافِر وَلَو مُشْركًا، إِذْ لَا يُنكر أحد مِنْهُم الصَّانِع فيعظمون اسْم الله تَعَالَى ويعتقدون حرمته، لَا الدهرية والزنادقة وَأهل الاباحة، وَهَؤُلَاء أَقوام لم يتجاسروا على إِظْهَار نحلهم فِي عصر من الاعصار إِلَى يَوْمنَا هَذَا، وَنَرْجُو من فضل الله تَعَالَى على أمة حَبِيبه أَن لَا يقدرهم على إِظْهَار مَا انتحلوه