إنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ وَغَرَضُهَا الْمَالُ كَالْمَهْرِ وَالنَّفقَة فَأنْكر الزَّوْج يحلف، فَإِن نكل يلْزم الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ الْحِلُّ عِنْدَهُ، لِأَنَّ الْمَالَ يثبت بالبذل لَا الْحِلِّ.
وَفِي النَّسَبِ: إذَا ادَّعَى حَقًّا مَالًا كَانَ كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ فِي اللَّقِيطِ وَالْعِتْقِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ: فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْحَقُّ، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَعَلَى الْخلاف الْمَذْكُور، وَكَذَا مُنكر الْقود إلَخْ.
ابْنُ كَمَالٍ.
وَإِنْكَارُ الْقَوَدِ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ.
وَفِي صدر الشَّرِيعَة فيلغز: أما امْرَأَةٍ تَأْخُذُ نَفَقَةً غَيْرَ مُعْتَدَّةٍ وَلَا حَائِضَةٍ وَلَا نفسَاء وَلَا يحل وَطْؤُهَا، وَفِيه يلغز اللغز الْمُتَقَدّم.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَحْلِيفَ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَدَّعِ مَعَهَا مَالًا فَإِنَّهُ يحلف وفَاقا.
قَوْله: (لاجل المَال) أَي بِطَلَب الْمَسْرُوق مِنْهُ، فَلَو لن يطْلب المَال لَا يحلف لَان الْيَمين لَا تلْزم إِلَّا بِطَلَب الْخصم.
قَوْله: (فَإِن نكل ضمن وَلَمْ يُقْطَعْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ قَطْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ كَمَا فِي قَوَدِ الطَّرَفِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ النُّكُولَ فِي قطع الطّرف النّكُول فِي السَّرِقَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَا فِي إيجَابِ الْقطع، وَعَدَمه، وَيُمكن الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوَدَ الطَّرَفِ حَقُّ الْعَبْدِ فَيَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ كَالْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَظهر الْفرق، فَلْيتَأَمَّل.
يعقوبية.
قَوْله: (وَقَالُوا يسْتَحْلف فِي التَّعْزِيرِ) .
لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ الْعَبْدِ، وَلِهَذَا يملك العَبْد بإسقاطه بِالْعَفو وَحُقُوق الْعباد مَبْنِيَّة على المشاحة لَا تسْقط بِالشُّبْهَةِ، فَلَو كَانَ التَّعْزِير لمحض حق الله تَعَالَى كَمَا لَو ادّعى عَلَيْهِ أَنه قبل امْرَأَة بِرِضَاهَا: فَإِنَّهُ إِذا أثبت عَلَيْهِ ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ يعزران، وَإِذا أنكر يَنْبَغِي أَن لَا يستحلفا.
قَوْله: (كَمَا بَسطه فِي الدُّرَر) وَنَصه: وَيحلف فِي التَّعْزِير: يَعْنِي إِذا ادّعى على آخر مَا يُوجب التَّعْزِير، وَأَرَادَ تَحْلِيفه إِذا أنكر فَالْقَاضِي يحلفهُ، لَان التَّعْزِير مَحْضُ حَقِّ الْعَبْدِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ إسْقَاطَهُ بِالْعَفو وَلَا يمْنَع الصغر وُجُوبه، وَمن عَلَيْهِ التَّعْزِير إِذا أمكن صَاحب الْحق مِنْهُ أَقَامَهُ، لَو كَانَ حق الله تَعَالَى لكَانَتْ هَذِه الاحكام على عكس هَذَا، والاستحلاف يجْرِي فِي حُقُوق الْعباد سَوَاء كَانَت عُقُوبَة أَو مَالا إِ هـ.
وتعليله هُنَا: بِأَن التَّعْزِير مَحْض حق العَبْد مُخَالف لما سبق لَهُ فِي فصل التَّعْزِير أَن حق العَبْد غَالب فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ عزمي زَاده: بَين كَلَامه تدفع إِ هـ.
قلت: لَا يَخْلُو حق العَبْد من حق الله فَلَا يسْتَقلّ عبد بِحَق، لَان الَّذِي جعله حَقه هُوَ الْحق تَعَالَى الْآمِر الناهي، فَكَلَامه الثَّانِي مؤول بالاول.
قَوْله: (وَفِي الْفُصُول) قدمنَا هَذِه الْمَسْأَلَة قَرِيبا بأوضح مِمَّا هُنَا مَعَ فروع أخر.
قَوْله: (فحيلة دفع يَمِينهَا) أَي على قَوْلهمَا.
قَوْله: (أَن تتَزَوَّج) أَي بآخر.
قَوْله: (فَلَا تحلف) لانها لَو نكلت لَا يحكم عَلَيْهَا وَلَو أقرَّت بَعْدَمَا تزوجت لم يجز إِقْرَارهَا، وَكَذَا لَو أقرَّت بِنِكَاح غَائِب فَإِنَّهُ يَصح إِقْرَارهَا على أحد قَوْلَيْنِ، وَلَكِن يبطل بالتكذيب وتندفع عَنْهَا الْيَمين.
قَالَ بعض الافاضل: هَذِه الْحِيلَة ظَاهِرَة لَو تزوجته، أما لَو تزوجت غَيره فَالظَّاهِر عدم صِحَة العقد إِلَّا إِذا حَلَفت نعم لَو تزوجت قبل الرّفْع إِلَى القَاضِي رُبمَا يظْهر.
اهـ.
تَأمل.
قَوْلُهُ: (فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً)