عِنْدَهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ لَا يلْزمه شئ، لِأَنَّ الْإِبَاقَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُعَاوَدَةِ، بِأَنْ يُثْبِتَ وُجُودَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كِلَاهُمَا فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي مَحَلِّهِ.
أَبُو السُّعُودِ.
وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَوْلُهُ: يَحْلِفُ على الْبَتَات بِاللَّه مَا أبق.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا عَلَيْك حق الرَّدُّ، فَإِنَّ فِي الْحَلِفِ عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ البَائِع أَو قد يبرأ المُشْتَرِي عَن الْعَيْب.
قَوْله: (وَأثبت ذَلِك) أَي على مَا سبق فِي مَحَله من وجوده عِنْد البَائِع ثمَّ عِنْد المُشْتَرِي الخ.
قَوْله: (يحلف البَائِع على الْبَتَات) يَعْنِي أَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَبْدِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ سَارِقٌ أَوْ آبِقٌ وَأَثْبَتَ إبَاقَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَرَادَ التَّحْلِيفَ
يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ بِاَللَّهِ مَا سَرَقَ فِي يَدِك، وَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ.
دُرَر.
قَوْله: (فَرجع إِلَى فعل نَفسه) وَهُوَ تَسْلِيمه سليما.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا آكَدُ) أَيْ لِأَنَّ يَمِينَ الْبَتَاتِ آكِد من يَمِين الْعلم حَيْثُ جزم فِي الاولى، وَلم يجْزم فِي الثَّانِيَة، مَعَ أَن فِي الاولى إِنَّمَا حلف على علمه أَيْضا، إِذْ غَلَبَة الظَّن تبيح لَهُ الْحلف، لكنه إِذا جزم بهَا كَانَت آكِد صُورَة.
قَوْله: (وَلذَا تعْتَبر مُطلقًا) أَي فِي فعل نَفسه وَفعل غَيره، فَلَو حلف على الْبَتَات فِي فعل غَيره أَجزَأَهُ بالاولى لانه قد أَتَى بالآكد.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) يَعْنِي أَنَّ يَمِينَ الْعِلْمِ لَا تَكْفِي فِي فعل نَفسه ح.
قَالَ فِي الْبَحْر: ثمَّ فِي كل مَوضِع وَجَبت فِيهِ الْيَمين عَلَى الْعِلْمِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ كَفَى وَسَقَطَتْ عَنْهُ، وَعَلَى عَكْسِهِ لَا، وَلَا يُقْضَى بِنُكُولِهِ عَمَّا لَيْسَ وَاجِبا عَلَيْهِ.
اهـ.
قَالَ فِي الدُّرَر: وَاعْلَم أَن فِي كل مَوضِع الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْبَتَاتِ فَحَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا حَتَّى لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنّكُولِ وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ يُعْتَبَرُ الْيَمِينُ حَتَّى يَسْقُطَ الْيَمِينُ عَنْهُ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتَات آكِد فَيعْتَبر مُطلقًا، بِخِلَاف الْعَكْس.
ذكره الزَّيْلَعِيّ.
اهـ.
وَاسْتشْكل الثَّانِي الْعِمَادِيّ.
قَالَ الرَّمْلِيّ: وَجه الاشكال أَنه كَيفَ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ إلَى الْبَتِّ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، فَاعْتُبِرَ فَيَكُونُ قَضَاءً بَعْدَ نُكُولٍ عَنْ يَمِين مسقطة للحلف عَنهُ، بِخِلَاف عَكسه، وَلِهَذَا يحلف فِيهِ ثَانِيًا لِعَدَمِ سُقُوطِ الْحَلِفِ عَنْهُ بِهَا، فَنُكُولُهُ عَنهُ لعدم اعْتِبَاره والاجتزاء بِهِ فَلَا يقْضِي عَلَيْهِ بِسَبَب.
تَأمل.
أَقُول: يشكل قَول الرَّمْلِيّ بِأَنَّهُ يَزُول الاشكال الخ، مَعَ أَنه لَا يَزُول بذلك بعد قَول الْبَحْر: وَلَا يقْضِي بِنُكُولِهِ عَمَّا لَيْسَ وَاجِبا عَلَيْهِ.
تَأمل.
وَاسْتشْكل فِي السعدية الْفَرْع الاول بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي، بل اللَّائِق أَن يقْضِي بِالنّكُولِ، فَإِنَّهُ إِذا نكل عَن الْحلف على الْعلم فَفِي الْبَتَات أولى.
وَأجَاب عَنهُ: بِالْمَنْعِ لانه يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُكُولُهُ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ فَائِدَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ، فَلَا يَحْلِفُ حَذَرًا عَنْ التّكْرَار، وَهُوَ بِمَعْنى مَا ذكره الرَّمْلِيّ، وَاسْتشْكل الثَّانِي أَيْضا بِأَنَّهُ مَحل تَأمل، فَإِنَّهُ إِذا لم يجب عَلَيْهِ كَيفَ يقْضِي عَلَيْهِ إِذا نكل، وَلم يجب عَنهُ بِجَوَاب، وَاسْتَشْكَلَهُ الخادمي أَيْضا بِأَن الْبَتَات أَعم تحققا من الْعلم، وَيعْتَبر فِي الْيَمين انتفاؤهما وَانْتِفَاء الاعم أخص من انْتِفَاء الاخص، فَكيف يقْضِي بِالنّكُولِ
عَن الْبَتَات فِي مَوضِع يجب عَلَيْهِ الْحلف على الْعلم، فَإِنَّهُ بعد هَذَا النّكُول يحْتَمل أَن يحلف على الْعلم.
ا