للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنه الِاسْم الاعظم، وَقد ورد تَحْلِيف الشَّارِع بِهِ فَيقْتَصر عَلَيْهِ، وَيحْتَمل أَنه ذكره على سَبِيل التَّمْثِيل لما علم فِي كتاب الايمان أَنه ينْعَقد الْحلف بِكُل اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وكل صفة تعورف الْحلف بهَا، وَقد صَرَّحُوا هُنَا بِمَا يدل على ذَلِك.

قَالَ فِي خزانَة الْمُفْتِينَ: مَتى حلفه بِاللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم كَانَ يَمِينا وَاحِدًا، وَإِذا حلفه بِاللَّه والرحمن والرحيم يكون ثَلَاثَة أَيْمَان اهـ.

فَهَذَا صَرِيح بِأَن الرَّحْمَن والرحيم يَمِين.

تَأمل.

وَمثله فِي التَّبْيِين فَإِنَّهُ قَالَ: ويحترز عَن عطف بعض الاسماء على بعض كَيْلا يتَكَرَّر عَلَيْهِ الْيَمين، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعَطْفِ فَأَتَى بِوَاحِدَةٍ وَنَكَلَ عَنْ الْبَاقِي لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ

يَمِين وَاحِدَة وَقد أَتَى بهَا.

اهـ.

وسيصرح الشَّارِح بِهِ فِي قَوْله ويجتنب الْعَطف كي لَا يتَكَرَّر الْيَمين وَفِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالْقَسَمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْحَقِّ، أَوْ بِصِفَةٍ يُحْلَفُ بِهَا مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَعِزَّةِ اللَّهِ وجلاله وكبريائه وعظمته الخ، فَهَذَا كُله يدل على كَونه يَمِينا، وَكَذَا مَا ثَبت فِي الحَدِيث وَرب الْكَعْبَة وَنَحْوه يَقْتَضِي أَن الْحلف بالرحمن والرحيم وَغَيره من أَسْمَائِهِ تَعَالَى يكون يَمِينا، على أَنه صرح فِي رَوْضَة الْقُضَاة بِأَن الْيَمين يكون بالرحمن والرحيم وَسَائِر أَسْمَائِهِ تَعَالَى.

وَأما الْحصْر فِي الحَدِيث الشريف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجبت والطاغوت وَنَحْوهمَا.

قَوْله: (بِغَيْرِهِ) كالرحمن والرحيم.

بَحر.

قَوْله: (لم يكن يَمِينا) قد علمت أَن الْحق أَنه يَمِين، وَلَا يشكل عَلَيْهِ مَا يفهم من ظَاهر عبارَة الدُّرَر من قَوْله: وَالْحلف بِاللَّه تَعَالَى دون غَيره، وَإِن كَانَ ظَاهره أَن هَذَا التَّرْكِيب للحصر كَمَا فِي الْحَمد لله لَان المُرَاد أَن لَا يكون الْحلف إِلَّا بِذَاتِهِ تَعَالَى: أَي باسم من أَسْمَائِهِ الذاتية أَو الصفاتية فقد انْتَفَى الاشكال، على أَنه هُوَ الْمُصَرّح بِهِ فِي عُمْدَة الْكتب بل عامتهم، وَلَا يُمكن أَن يُقَال إِن مَا ذَكرُوهُ فِي كتاب الايمان فرق عَن هُنَا: أَي الدَّعْوَى لانه لم يُصَرح أحد يفرق أصلا.

قَوْله: (وَلم أره صَرِيحًا بَحر) حَيْثُ قَالَ بعد نَقله عبارَة الخزانة: وَظَاهره أَنه لَا تَحْلِيف بِغَيْر هَذَا الِاسْم، فَلَو حلفه بالرحمن أَو الرَّحِيم لَا يكون يَمِينا، وَلم أره صَرِيحًا اهـ.

قَالَ الْعَلامَة الْمَقْدِسِي: فِيهِ قُصُور لوُجُود النَّص على خِلَافه، فقد ذكر فِي كتاب الايمان أَنه لَو قَالَ: والرحمن أَو الرَّحِيم أَو الْقَادِر فَكل ذَلِك يَمِين، وَيدل عَلَيْهِ قَوْلهم فِيمَا إِذا غلظ بِذكر الصّفة يحْتَرز عَن الاتيان بِالْوَاو لِئَلَّا تَتَكَرَّر الْيَمين وَنَصه هُنَا فِي تَحْلِيف الاخرس أَن يُقَال لَهُ عهد الله عَلَيْك، وَلَا فرق بَينه وَبَين الصَّحِيح بل صرح بِهَذَا الصَّحِيح، وَصرح فِي رَوْضَة الْقُضَاة بِأَن الرَّحْمَن الرَّحِيم وَسَائِر أَسمَاء الله تَعَالَى تكون يَمِينا اهـ.

أَقُول: وَالْعجب من المُصَنّف حَيْثُ نَقله وَأقرهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الشَّارِح.

قَوْله: (لَا بِطَلَاق وعتاق وَإِن ألح الْخصم) أَي داوم على طلب الْيَمين بهما، وَمثل الطَّلَاق وَالْعتاق الْحَج كَمَا فِي الْعِنَايَة، وَقد قصد بِهَذَا مُخَالفَة الْكَنْز والدرر حَيْثُ قَالَ: إِلَّا إِذا ألح الْخصم، وَحَكَاهُ فِي الْكَافِي بقيل، وَكَذَا فِي

الْهِدَايَة، فَإِن مَا مَشى عَلَيْهِ الشَّارِح هُوَ ظَاهر الرِّوَايَة.

قَوْله: (لَان التَّحْلِيف بهما حرَام) بل فِي الْقُهسْتَانِيّ عَن الْمُضْمرَات اخْتلفُوا فِي كفره إِذا قَالَ حلفه بِالطَّلَاق، وَقدمنَا الْكَلَام قَرِيبا على مَا لَو حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا مَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ برهن الْمُدَّعِي على المَال، وَسَيَأْتِي فِي كَلَام الشَّارِح.

قَوْله: (وَقِيلَ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ فُوِّضَ إلَى الْقَاضِي) قَالَ فِي الْمنية: وَإِن مست الضَّرُورَة يُفْتِي أَن الرَّأْي فِيهِ للْقَاضِي.

قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>