للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَظَاهره أَنه مُفَرع على قَول الاكثر) تبع فِيهِ المُصَنّف وَصَاحب الْبَحْر وَهُوَ عَجِيب، فَإِن صَاحب الخزانة صرح بِأَن ذَلِك على قَول الاكثر فَهُوَ صَرِيح لَا ظَاهر.

قَوْله: (وَإِلَّا فَلَا فَائِدَة) قَالَ الْعَلامَة الْمَقْدِسِي: قد تكون فَائِدَته اطمئنان خاطر الْمُدَّعِي إِذا حلف فَرُبمَا كَانَ مشتبها عَلَيْهِ الامر لنسيان وَنَحْوه، فَإِذا حلف لَهُ بهما صدقه اهـ.

وَفِي شرح الْمُلْتَقى عَن الباقلاني: الاقرار بالمدعي إِذا احْتَرز عَنهُ.

اهـ: أَي تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِعَدَمِ اعْتِبَارِ نُكُولِهِ، فَإِذَا طَلَبَ حَلِفَهُ بِهِ رُبَّمَا يمْتَنع ويقر بالمدعي.

قَوْله: (وَاعْتَمدهُ المُصَنّف) حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا كَلَام ظَاهر يجب قبُوله والتعويل عَلَيْهِ، لَان التَّحْلِيف إِنَّمَا يقْصد لنتيجته، وَإِذا لم يقْض بِالنّكُولِ عَنهُ فَلَا يَنْبَغِي الِاشْتِغَال بِهِ، وَكَلَام الْعُقَلَاء فضلا عَن الْعلمَاء الْعِظَام يصان عَن اللَّغْو، وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ اهـ.

لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْكَمَالِ: فَإِنْ أَلَحَّ الْخَصْمُ: قيل يَصح بِهِمَا فِي زَمَانِنَا لَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَا يَنْفُذُ انْتَهَت.

وَاسْتشْكل فِي السعدية بِأَنَّهُ إِذا امْتنع عَمَّا هُوَ مَنْهِيّ عَنهُ شرعا فَكيف يجوز للْقَاضِي تَكْلِيف الاتيان بِمَا هُوَ مَنْهِيّ عَنهُ شرعا؟ وَلَعَلَّ ذَلِك الْبَعْض يَقُول النَّهْي تنزيهي، وَمثل مَا فِي ابْن الْكَمَال فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَلَكِنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ، فَإِنَّ مَنْ لَهُ أَدْنَى دِيَانَةٍ لَا يَحْلِفُ بِهِمَا كَاذِبًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ إمْسَاكِهِمَا بِالْحَرَامِ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُتَسَاهَلُ بِهِ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا.

تَأَمَّلْ.

قَوْله: (لَا يفرق) أَي بَين الزَّوْج وَالزَّوْجَة.

قَوْله: (لَان السَّبَب لَا يسْتَلْزم قيام الدّين) لاحْتِمَال وفائه أَو إبرائه أَو هِبته مِنْهُ، وَهَذَا التَّفْصِيل هُوَ

الْمُفْتى بِهِ كَمَا فِي شرح عبد الْبر ط.

قَوْله: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ: لَا يَحْنَث لاحْتِمَال صدقه) .

أَقُول: تقدم قَرِيبا قَوْله وَيظْهر كذبه بإقامتها لَوْ ادَّعَاهُ: أَيْ الْمَالَ بِلَا سَبَبٍ فَحَلَفَ، وَإِن ادَّعَاهُ بِسَبَب فَحلف أَن لَا دين عَلَيْهِ ثمَّ أَقَامَهَا لَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ وَجَدَ الْقَرْضَ، ثُمَّ وَجَدَ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِيفَاءَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَقد ذكرنَا هُنَاكَ الْكَلَام وَبحث الْمَقْدِسِي فِيهِ وَالْجَوَاب عَنهُ فَرَاجعه إِن شِئْت.

قَوْله: (وَقد تقدم) أَي فِي كَلَام المُصَنّف حَيْثُ قَالَ: وَيظْهر كذبه بإقامتها لَو ادَّعَاهُ بِلَا سَبَب فَحلف الخ، وَإِنَّمَا أعَاد هُنَا لَان هَذِه الْعبارَة أوضح وأدل على الْمَطْلُوب، وفيهَا زِيَادَة فَائِدَة كذكر الْخلاف بَين مُحَمَّد وَأبي يُوسُف، وَهُوَ كالشرح للعبارة الْمُتَقَدّمَة، فقد بَين بِهِ أَن إِطْلَاق الدُّرَر على قَول أحد الشَّيْخَيْنِ، وَلَا اعْتِرَاض على من أَتَى بالعبارة التَّامَّة بعد الْعبارَة القاصرة، كَمَا قَالُوا فِي عطف الْعَام على الْخَاص لَا يحْتَاج إِلَى نُكْتَة لما فِيهِ من زِيَادَة الْفَائِدَة.

تَأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>