وَفِي الْبَحْر أَيْضا: وَمِنْهَا فِي دَعْوَى الاتلاف، قَالَ فِي الخزانة: ادّعى على آخر أَنه خرق ثَوْبه، واحضر مَعَه إِلَى القَاضِي لَا يحلفهُ مَا خرقت لاحْتِمَال أَنه خرقه وَأَدَّاهُ ضَمَانه ثمَّ ينظر فِي الْخرق إِن كَانَ يَسِيرا وَضمن النُّقْصَان يحلف مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْقدر من الدَّرَاهِم الَّتِي تَدعِي، وَلَا أقل مِنْهُ وَإِن لم يكن الثَّوْب حَاضرا كلفه القَاضِي بَيَان قِيمَته، وَمِقْدَار النُّقْصَان ثمَّ تترتب عَلَيْهِ الْيمن وَكَذَلِكَ هَذَا فِي هدم الْحَائِط أَو فَسَاد مَتَاع أَو ذبح شَاة أَو نَحوه اه.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ تَكَرَّرَ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّحْلِيفِ تَكْرَارٌ، لَا فِي لَفْظِ الْيَمِينِ خُصُوصًا فِي تَحْلِيفِ مُدَّعِي دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تَصِلُ إلَى خَمْسَةٍ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَرْبَعَة مَعَ قَوْلهم فِي كتاب الايمان: الْيَمِينَ تَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ حَرْفِ الْعَطْفِ، مَعَ قَوْلِهِ: لَا، كَقَوْلِهِ: لَا آكُلُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا، وَمَعَ قَوْلِهِمْ هُنَا فِي تَغْلِيظِ الْيَمِينِ: يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْعَطْفِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا عَطَفَ صَارَتْ أَيْمَانًا، وَلَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابا بل وَلَا من تعرض لَهُ اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيّ: إِذا تَأمل المتأمل وجد التّكْرَار لتكرار الْمُدَّعِي فَلْيتَأَمَّل.
إِ هـ: يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَإِنْ ادَّعَى
شَيْئًا وَاحِدًا فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ ضِمْنًا فَيحلف الْخصم عَلَيْهَا احْتِيَاطًا.
قَوْله: (خلافًا للثَّانِي) فَقَالَ: الْيَمين تستوفى لحق الْمُدَّعِي فَيجب مطابقتها لدعواه وَالْمُدَّعِي هُوَ السَّبَب، إِلَّا إِذا عرض الْمُدعى عَلَيْهِ بِمَا ذكرنَا بِأَن يَقُول الْمَطْلُوب عِنْد طلب يَمِينه قد يَبِيع الشَّخْص شَيْئا ثمَّ يقايل فَيحلف حِينَئِذٍ على الْحَاصِل ط.
وَقدمنَا الْكَلَام عَلَيْهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (نظرا للْمُدَّعى عَلَيْهِ) أَي كَمَا هُوَ نظر للْمُدَّعِي.
وَهَذَا تَعْلِيل لقَوْل الامام وَالثَّالِث، وَهُوَ مَا مَشى عَلَيْهِ فِي الْمَتْن من التَّحْلِيف على الْحَاصِل: يَعْنِي إِنَّمَا يحلفهُ على الْحَاصِل، لَا على السَّبَب لاحْتِمَال طَلَاقه بعد النِّكَاح وإقالته بعد البيع: أَي وأدائه أَو إبرائه بعد الْغَصْب، وتزوجه بعد الابانة وَلَو بعد زوج آخر فِي الْحُرْمَة الغليظة، فَلَو حلف على السَّبَب لَكَانَ حانثا، وَلَو ادّعى الْوَاقِع بعد السَّبَب لكلف إثْبَاته فيتضرر بذلك، فَكَانَ فِي التَّحْلِيف على الْحَاصِل نظر للْمُدَّعى عَلَيْهِ.
قَوْله: (لاحْتِمَال طَلَاقه) أَي فِي دَعْوَى النِّكَاح.
قَوْله: (وإقالته) أَي فِي البيع وإدانته أَو إبرائه بعد الْغَصْب وتزوجه بعد الابانة.
وَالْحَاصِل: أَن الْيَمين كَمَا تقدم شرعت لرجاء النّكُول، فَإِذا حلف على السَّبَب الَّذِي يرْتَفع برافع فنكل وَأقر بِالسَّبَبِ ثمَّ ادّعى الرافع لَا يقبل مِنْهُ قيتضرر، بِخِلَاف مَا إِذا حلف على الْحَاصِل فَإِن فِيهِ نظرا إِلَيْهَا.
قَوْله: (على السَّبَب) بِأَن يحلفهُ بِاللَّه مَا اشْتريت هَذِه الدَّار وَمَا هِيَ مُطلقَة مِنْك بَائِنا فِي الْعدة، وَتقدم تَفْصِيله موضحا فَارْجِع إِلَيْهِ.
قَوْله: (كدعوى شُفْعَة بالجوار وَنَفَقَة مبتوتة) قيد بهما لَان فِي الشُّفْعَة بِالشّركَةِ وَنَفَقَة الرَّجْعِيّ يسْتَحْلف على الْحَاصِل عِنْدهمَا، وَعند أبي يُوسُف على السَّبَب إِلَّا إِذا عرض كَمَا سبق.
أَبُو السُّعُود.
قَوْله: (لكَونه شافعيا) ظَاهر كَلَام الْخصاف والصدر الشَّهِيد أَن معرفَة كَون الْمُدعى عَلَيْهِ شافعيا إِنَّمَا هُوَ بقول الْمُدَّعِي، وَلَو تنَازعا فَالظَّاهِر من كَلَامهم أَنه لَا اعْتِبَار بقول الْمُدعى عَلَيْهِ.
بَحر: أَي سَوَاء كَانَ فِي جَمِيع الْمسَائِل أَو فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَط، حَتَّى لَو كَانَ حنفيا لحلف على السَّبَب لاحْتِمَال أَن يقْصد تَقْلِيد الشَّافِعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة عِنْد الْحلف، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يُحَلِّفُ عَلَى