للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُم أَن من الْقَضَاء الْبَاطِل الْقَضَاء بِسُقُوط الْحق بِمُضِيِّ سِنِين، لَكِن مَا فِي الْمَبْسُوط لَا يُخَالِفهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قَضَاء بالسقوط، وَإِنَّمَا فِيهِ عدم سماعهَا.

مطلب: نهى السُّلْطَان عَن سَماع حَادِثَة لَهَا خمس عشرَة سنة وَقد كثر السُّؤَال بِالْقَاهِرَةِ عَن ذَلِك مَعَ وُرُود النَّهْي من السُّلْطَان أيده الله تَعَالَى بِعَدَمِ سَماع حَادِثَة لَهَا خمس عشرَة سنة، وَقد أَفْتيت بِعَدَمِ سماعهَا عملا بنهيه على مَا فِي خزانَة الْمُفْتِينَ، وَالله سُبْحَانَهُ

وَتَعَالَى أعلم.

اهـ.

مطلب: لَا تسمع الدَّعْوَى بعد مُضِيّ ثَلَاثِينَ سنة إِذا كَانَ التّرْك بِلَا عذر شَرْعِي من كَون الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهما ولي أَو الْمُدعى عَلَيْهِ ذَا شَوْكَة أَو أَرض وقف لَيْسَ لَهَا نَاظر وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ، لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ.

اهـ.

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي عُقُود الدرية بعد كَلَام أَقُول: وَالْحَاصِل من هَذِه النقول أَن الدَّعْوَى بعد مُضِيّ ثَلَاثِينَ سنة أَو بعد ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ لَا تسمع إِذا كَانَ التّرْك بِلَا عذر من كَون الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يخَاف مِنْهُ، أَو أَرض وقف لَيْسَ لَهَا نَاظر، لَان تَركهَا هَذِه الْمدَّة مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا كَمَا مر عَن الْمَبْسُوط، وَإِذا كَانَ الْمُدَّعِي نَاظرا ومطلعا على تصرف الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ الْمُدعى عَلَيْهِ لَا تسمع الدَّعْوَى على ورثته كَمَا مر عَن الْخُلَاصَة.

وَكَذَا لَو مَاتَ الْمُدَّعِي لَا تسمع دَعْوَى ورثته كَمَا مر عَن الْوَلوالجِيَّة.

وَالظَّاهِر أَن الْمَوْت لَيْسَ بِقَيْد وَأَنه لَا تَقْدِير بِمدَّة مَعَ الِاطِّلَاع على التَّصَرُّف لما ذكره المُصَنّف وَالشَّارِح فِي مسَائِل شَتَّى آخر الْكتاب.

مطلب: بَاعَ عقارا أَو غَيره وَزَوجته أَو قَرِيبه حَاضر سَاكِت يعلم البيع لَا تسمع دَعْوَاهُ بَاعَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا وَابْنُهُ وَامْرَأَته أَو غَيرهمَا من أَقَاربه حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ مَثَلًا أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى، وَجُعِلَ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا للتزوير والحيل.

مطلب: لَا يعد سكُوت الْجَار رضَا بِالْبيعِ إِلَّا إِذا سكت عِنْد التَّسْلِيم وَالتَّصَرُّف بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَلَوْ جَارًا لَا يَكُونُ رِضًا، إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَة.

اهـ.

وَقَوله لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ: أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جارا كَمَا فِي حَاشِيَة الْخَيْر الرَّمْلِيّ على الْمنح،

وَأطَال فِي تَحْقِيقه فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّة من كتاب الدَّعْوَى، فقد جعلُوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُجَرّد السُّكُوت عِنْد البيع مَانِعا من دَعْوَى الْقَرِيب وَنَحْوه كَالزَّوْجَةِ بِلَا تَقْيِيد باطلاع عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى.

وَأَمَّا دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا فَلَا يمْنَعهَا مُجَرّد السُّكُوت عِنْد البيع، بل لَا بُد من الِاطِّلَاعِ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِمُدَّةٍ وَلَا بِمَوْت كَمَا ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>