للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَنْبَغِي أَن تسمع أَيْضا، لَان لما كَانَ الْمَنْع من سَماع أصل الدَّعْوَى ففرعها وَهُوَ الاقرار أولى بِالْمَنْعِ لما أَن النَّهْي مُطلق فيشملهما، إِلَّا إِذا كَانَ الاقرار عِنْد القَاضِي كَمَا عرفت، فتنزع من يَده لابطاله ملكه ولالزامه الْحجَّة على نَفسه، وَهِي الاقرار بِعَدَمِ صِحَة تصرفه.

مطلب: لَو ترك دَعْوَاهُ الْمدَّة ثمَّ أَقَامَ بَيِّنَة على أَن الْمُدعى عَلَيْهِ أقرّ لَهُ بهَا تسمع لَكِن يُعَارض ذَلِك إِطْلَاق عبارَة الاسماعيلية حَيْثُ قَالَ فِيمَا إِذا كَانَت دَار بَين زيد وَهِنْد فَوضع

زيد يَده على الدَّار المزبورة مُدَّة تزيد على خمس عشرَة سنة، وَطلبت هِنْد مِنْهُ فِي أثْنَاء الْمدَّة أَن يقسم لَهَا حصَّتهَا وأجابها إِلَى ذَلِك وَمَات وَلم يقسم لَهَا فطالبت أَوْلَاده بحصتها فِي الدَّار فَذكرُوا بِأَن والدهم تصرف أَكثر من خمس عشرَة سنة وَلم تدع عَلَيْهِ هِنْد وَلم يمْنَعهَا من الدَّعْوَى مَانع شَرْعِي، فَلَا تسمع دَعْوَاهَا بذلك، فَهَل تسمع دَعْوَاهَا حَيْثُ كَانَ معترفا بِأَن لَهَا فِي الدَّار حِصَّة؟ أجَاب: تسمع دَعْوَاهَا حَيْثُ كَانَ معترفا بِأَن لَهَا حِصَّة إِ هـ.

إِلَى غير ذَلِك من الاجوبة، إِلَّا أَنه لم يعز ذَلِك لَاحَدَّ كَمَا هُوَ عَادَته فِي فَتَاوَاهُ، لَكِن يُؤَيّد إِطْلَاق التَّنْقِيح أَيْضا، فَتَأمل وراجع يظْهر لَك الْحق.

أما عدم ترك الدَّعْوَى فِي مُدَّة الْخمس عشرَة سنة فَيشْتَرط كَون الدَّعْوَى عِنْد القَاضِي، فَإِن ادّعى عِنْد القَاضِي مرَارًا فِي أثْنَاء الْمدَّة الَّتِي هِيَ خمس عشرَة سنة إِلَّا أَن الدَّعْوَى لم تفصل، فَإِن دَعْوَاهُ تسمع وَلَا يمْنَع مُرُور الزَّمَان، أما لَو كَانَ الْمُدَّعِي أَو الْمُدعى عَلَيْهِ غَائِبا مَسَافَة لسفر ثمَّ حضر مرَارًا فِي أثْنَاء الْمدَّة الَّتِي هِيَ خمس عشرَة سنة وَسكت ثمَّ أَرَادَ أَن يَدعِي بعد ذَلِك فَلَا تسمع دَعْوَاهُ.

كَذَا فِي فَتَاوَى عَليّ أَفَنْدِي، وَإِذا كَانَ الْمَانِع شَوْكَة الْمُدعى عَلَيْهِ وزالت فَلَا يمْنَع الدَّعْوَى إِلَّا إِذا استدام زَوَال شوكته خمس عشرَة سنة، فَلَو زَالَت شوكته أقل من خمس عشرَة سنة ثمَّ صَار ذَا شَوْكَة لَا يمْنَع بعد ذَلِك من الدَّعْوَى لانه لم يصدق أَنه ترك الدَّعْوَى فِي مَسْأَلَة زَوَال الشَّوْكَة خمس عشرَة سنة، وَإِنَّمَا قيدت بِقَوْلِي عِنْد القَاضِي، فَلَو ترك الْمدَّة المزبورة إِلَّا أَنه فِي أثْنَاء ذَلِك ادّعى مرَارًا عِنْد غير القَاضِي لَا تعْتَبر دَعْوَاهُ كَمَا فِي تَنْقِيح سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى، هَذَا مَا ظهر لي تفقها أخذا من مَفْهُوم عِبَارَات السَّادة الاعلام بوأهم الله تَعَالَى دَار السَّلَام.

وَأَقُول: لَكِن الْمُعْتَبر الْآن مَا تقرر فِي الْمجلة الشَّرْعِيَّة فِي الاحكام العدلية، وَصدر الامر الشريف السلطاني بِالْعَمَلِ بمواجبه أَن دَعْوَى الاقرار بعد مُضِيّ مُدَّة الْمَنْع من سَماع الدَّعْوَى لَا تسمع إِذا ادّعى أَنه أقرّ لَهُ بهَا من جُمُعَة أَو سنة مثلا، إِلَّا إِذا كَانَ الاقرار عِنْد القَاضِي أَو تحرر بِهِ سَنَد شَرْعِي بإمضاء الْمقر أَو سنة مثلا، إِلَّا إِذا كَانَ الاقرار عِنْد القَاضِي أَو تحرر بِهِ سَنَد شَرْعِي بإمضاء الْمقر أَو خَتمه المعروفين، وَكَانَ بِمحضر من الشُّهُود وشهدوا بذلك فَإِنَّهَا تسمع حِينَئِذٍ إِذا لم يمض على الاقرار خمس عشرَة سنة، أَو كَانَ دَعْوَى الاقرار على عقار وَكَانَ يستأجره الْمُدعى عَلَيْهِ مُدَّة تزيد على

خمس عشرَة سنة وَالْمُسْتَأْجر يَدعِي التَّصَرُّف وينكر الِاسْتِئْجَار وَأثبت الْمُدَّعِي الِاسْتِئْجَار ومواصلة الاجرة فِي كل سنة وَكَانَ ذَلِك مَعْرُوفا بَين النَّاس، فَإِنَّهَا تسمع الدَّعْوَى حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ للْمُدَّعى عَلَيْهِ حق فِي دَعْوَى التَّصَرُّف الْمدَّة الْمَمْنُوع من سَماع الدَّعْوَى بهَا، وَأَيْضًا فَإِن أول ابْتِدَاء مُدَّة الْمَنْع من حِين زَوَال الْعذر كَمَا تقدم.

وَدَعوى الْمَرْأَة مهرهَا الْمُؤَجل إِذا تركت دَعْوَاهُ وَالْوَقْف الْمُرَتّب بثم إِذا كَانَ الْمُدعى محجوبا بالطبقة إِذا اسْتحق بزوالها وَترك دَعْوَاهُ، فَإِنَّهُ يعْتَبر مُدَّة التّرْك من حِين الْوَفَاة أَو الطَّلَاق وَزَوَال الدرجَة لَو كَانَ خمس عشرَة سنة لَا تسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>