غيبَة) أَي غيبَة العَبْد عَن يَده، لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مُنْذُ شَهْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَابَ فَهُوَ قيد للغيبة.
قَوْله: (مُنْذُ سَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (لِي) أَيْ مِلْكٌ لِي مُنْذُ سَنَةٍ فَهُوَ قيد للْملك وتاريخ، وَالْمُعْتَبَرُ تَارِيخُ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
قَوْله: (فَلم يُوجد التَّارِيخ) أَي تَارِيخ الْملك.
قَوْله: (من الطَّرفَيْنِ) بل وجد من طرف ذِي الْيَد والتاريخ حَالَة الِانْفِرَاد لَا يعْتَبر عِنْد الامام، فَكَانَ دَعْوَى صَاحب الْيَد مُطلق الْملك كدعوى الْخَارِج فَيَقْضِي بِبَيِّنَة الْخَارِج.
قَوْله: (وَقَالَ أَبُو يُوسُف) أَي فِيمَا لَو وَقت أَحدهمَا فَقَط
قَوْله: (وَلَو حَالَة الِانْفِرَاد) أَي قَالَ أَبُو يُوسُف: يقْضى للمؤرخ سَوَاء أرخا مَعًا وَكَذَا لَو أرخا حَالَة الِانْفِرَاد، لَان التَّارِيخ حَالَة الِانْفِرَاد مُعْتَبر عِنْده، وَالْحكم فِيمَا لَو أرخا مَعًا أولى بالحكم حَالَة الِانْفِرَاد، لانه مُتَّفق عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مذْهبه فَقَط كَمَا هِيَ الْقَاعِدَة فِي لَو الوصلية: أَي الحكم فِي الْمُقدر قبلهَا أولى بالحكم مِمَّا بعْدهَا، وَالْمرَاد بِمَا إِذا أرخا مَعًا سبق تَارِيخ أَحدهمَا أما لَو اسْتَوَى تاريخهما فَهُوَ كَمَا لَو لم يؤرخا لتساقطهما، وَالْفُقَهَاء يطلقون الْعبارَة عِنْد ظُهُور الْمَعْنى، وَحِينَئِذٍ فَقَوْل بعض المحشين: الاولى إِسْقَاط لَو لَان الْكَلَام فِي حَالَة الِانْفِرَاد، وَكَلَامه ينْحل أَنه يقْضى للمؤرخ حَال صُدُور التَّارِيخ مِنْهُمَا.
وَفِي حَالَة الِانْفِرَاد وَلَا معنى للْقَضَاء للمؤرخ فِيمَا إِذا أرخا لتحققه مِنْهُمَا بل الْقَضَاء للسابق اهـ غير لَازم، لَان إِعْمَال الْكَلَام أولى من إهماله.
قَوْله: (كَذَا فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ) حَيْثُ قَالَ اسْتحق حمارا فَطُلِبَ ثَمَنُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ كَمْ مُدَّةً غَابَ عَنْك هَذَا الْحِمَارُ؟ فَقَالَ: مُنْذُ سَنَةٍ، فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ قُضِيَ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ أَرَّخَ غَيْبَتَهُ لَا الْمِلْكَ وَالْبَائِعُ أَرَّخَ الْمِلْكَ وَدَعْوَاهُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي لِتَلَقِّيهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَصَارَ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى مِلْكَ بَائِعِهِ بِتَارِيخِ عَشْرِ سِنِينَ، غَيْرَ أَنَّ التَّارِيخَ لَا يُعْتَبَرُ حَالَةَ الِانْفِرَاد عِنْد أبي حنيفَة، فَبَقيَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَحُكِمَ لِلْمُسْتَحِقِّ.
أَقُولُ: يُقْضَى بهَا للمؤرخ عِنْد أبي يُوسُف، لانه يرجع المؤرخ حَالَة الِانْفِرَاد اهـ مُلَخصا.
قَوْله: (وَأقرهُ المُصَنّف) وناقشه الْخَيْر الرَّمْلِيّ بِأَن صَاحب الْفُصُولَيْنِ ذكره فِي الْفَصْل الثَّامِن عشر، وَقدم فِي الثَّامِن الصَّحِيح الْمَشْهُور عَن الامام أَنه لَا عِبْرَة للتاريخ فِي الْملك الْمُطلق حَالَة الِانْفِرَاد، وَحَاصِله أَن صَاحب الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّامِن فِي دَعْوَى الخارجين نقل أَن الصَّحِيح الْمَشْهُور عَن الامام عدم اعْتِبَاره حَالَة الِانْفِرَاد وَفِي الثَّامِن عشر فِي الِاسْتِحْقَاق قَالَ: يَنْبَغِي أَن يُفْتى بقول أبي يُوسُف من اعْتِبَاره لانه أوفق وَأظْهر، وَمَا ذكره الْفَقِيه فِي بَابه أولى بِالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ مَا ذكره فِي الثَّامِن، وَلَا سِيمَا أَنه نَقله جَازِمًا بِهِ وَأقرهُ، وَالثَّانِي فِي غير بَابه وَعبر عَنهُ بينبغي مَعَ مَا قَالُوا أَنه يُفْتى بقول الامام قطعا، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَه غَيره كَمَا هُنَا فَإِنَّهُ وَافقه مُحَمَّد.
تَأمل.
قَوْله: (وَلَو برهن خارجان على شئ) يَعْنِي: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَزَعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَذْكُرَا سَبَبَ الْمِلْكِ وَلَا تَارِيخَهُ قُضِيَ بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا ادَّعَيَا الْوَقْفَ فِي يَدٍ ثَالِثٍ فَيُقْضَى بالعقار نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَقْفٍ النِّصْفُ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْملك الْمُطلق بِاعْتِبَار ملك الْوَاقِف، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْقنية: دَار فِي يَد رجل أَقَامَ عَلَيْهِ رجل بَيِّنَة أَنَّهَا وقفت عَلَيْهِ وَأقَام قيم الْمَسْجِد بَيِّنَة أَنَّهَا وقف الْمَسْجِد: