فَإِن أرخا فَهِيَ للسابق مِنْهُمَا، وَإِن لم يؤرخا فَهِيَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ اهـ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يَدعِي ذُو الْيَد الْملك فِيهَا أَو الْوَاقِف على جِهَة أُخْرَى.
مطلب: دَعْوَى الْوَقْف من قبيل دَعْوَى الْملك الْمُطلق وَالْحَاصِل: أَن دَعْوَى الْوَقْف من قبيل دَعْوَى الْملك الْمُطلق، وَلِهَذَا لَو ادّعى وقفية مَا فِي يَد آخر وَبرهن فَدفعهُ ذُو الْيَد بِأَنَّهُ مُودع فلَان وَنَحْوه وَبرهن فَإِنَّهَا تنْدَفع خُصُومَة الْمُدَّعِي كَمَا فِي الاسعاف، فدعوى الْوَقْف دَاخل فِي الْمَسْأَلَة المخمسة، وكما تقسم الدَّار بَين الوقفين كَذَلِك لَو برهن كل على أَن الْوَاقِف جعل لَهُ الْغلَّة وَلَا مُرَجّح، فَإِنَّهَا تكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ، لما فِي الاسعاف من بَاب إِقْرَار الصَّحِيح بِأَرْض فِي يَده أَنَّهَا وقف: لَو شهد اثْنَان على إِقْرَار رجل بِأَن أرضه وقف على زيد ونسله، وَشهد آخرَانِ على إِقْرَاره بِأَنَّهَا وقف على عَمْرو ونسله تكون وَقفا على الاسبق وقتا إِن علم، وَإِن لم يعلم أَو
ذكرُوا وقتا وَاحِدًا تكون الْغلَّة بَين الْفَرِيقَيْنِ أنصافا، وَمن مَاتَ من ولد زيد فَنصِيبه لمن بَقِي مِنْهُم، وَكَذَلِكَ حكم أَوْلَاد عَمْرو.
وَإِذا انقرض أحد الْفَرِيقَيْنِ رجعت إِلَى الْفَرِيق الْبَاقِي لزوَال المزاحم اهـ.
وَقُيِّدَ بِالْبُرْهَانِ مِنْهُمَا، إذْ لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالْكُلِّ، فَلَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ الْآخَرُ يُقْضَى لَهُ بِالْكُلِّ، لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ صَار ذَا يَد بِالْقضَاءِ لَهُ، وَإِن لم تكن الْعين فِي يَده حَقِيقَة فَتقدم بَيِّنَة الْخَارِج الآخر عَلَيْهِ، وَلَو لم يبرهنا حلف صَاحب الْيَد، فَإِن حلف لَهما تتْرك فِي يَده قَضَاء ترك لَا قَضَاء اسْتِحْقَاق، حَتَّى لَو أَقَامَا الْبَيِّنَة بعد ذَلِك يقْضى بهَا، وَإِن نكل لَهما جَمِيعًا يقْضى بِهِ بَينهمَا نِصْفَيْنِ، ثمَّ بعده إِذا أَقَامَ صَاحب الْيَد الْبَيِّنَة أَنه ملكه لَا تقبل، وَكَذَا إِذا ادّعى أحد الْمُسْتَحقّين على صَاحبه وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا ملكه لَا تقبل لكَونه صَار مقضيا عَلَيْهِ.
بَحر لَكِن قدمنَا عَن الاشباه أَنَّهَا تسمع الدَّعْوَى بعد الْقَضَاء بِالنّكُولِ كَمَا فِي الْخَانِية، ونقلنا عَن محشيها الْحَمَوِيّ مَا يُخَالف مَا ذكر من أَن الْمُدعى عَلَيْهِ لَو نكل عَن الْيَمين للْمُدَّعِي وَقضي عَلَيْهِ بِالنّكُولِ ثمَّ إِن الْمقْضِي عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه كَانَ اشْترى هَذَا الْمُدَّعِي من الْمُدعى قبل دَعْوَاهُ لَا تقبل هَذِه الْبَيِّنَة، إِلَّا أَن يشْهد أَنه كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بعد الْقَضَاء، وَقدمنَا أَنه كَمَا يَصح الدّفع قبل الْبُرْهَان يَصح بعد إِقَامَته أَيْضا، وَكَذَا يَصح قبل الحكم كَمَا يَصح بعده، وَدفع الدّفع وَدفعه وَإِن كثر صَحِيح فِي الْمُخْتَار، وَلَعَلَّ مَا مشي عَلَيْهِ صَاحب الْبَحْر هُنَا مَبْنِيّ على القَوْل الآخر الْمُقَابل لِلْقَوْلِ الْمُخْتَار.
تَأمل.
قَوْله: (قضى بِهِ لَهما) لما رُوِيَ عَن أبي مُوسَى أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا بَعِيرًا على عهد رَسُول الله (ص) ، فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا بِشَاهِدين، فَقَسمهُ رَسُول الله (ص) بَينهمَا نِصْفَيْنِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، ولان الْبَينَات من حجج الشَّرْع فَيجب الْعَمَل بهَا مَا أمكن، وَقد أمكن هُنَا، لَان الايدي قد تتوالى فِي عين وَاحِدَة فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة، فيعتمد كل فريق مَا شَاهد من السَّبَب الْمُطلق للشَّهَادَة وَهُوَ الْيَد فَيحكم بالتنصيف بَينهمَا.
وَتَمَامه فِي الزَّيْلَعِيّ.
قَوْله: (فَإِن برهنا فِي دَعْوَى نِكَاح) أَي مَعًا لانه لَو برهن مدعي نِكَاحهَا وَقضي لَهُ بِهِ ثمَّ برهن الآخر على نِكَاحهَا لَا يقبل، كَمَا فِي الشِّرَاء إِذا ادَّعَاهُ من فلَان وَبرهن عَلَيْهِ وَحكم لَهُ بِهِ ثمَّ ادّعى آخر شِرَاءَهُ من فلَان أَيْضا لَا تقبل، وَيجْعَل الشِّرَاء الْمَحْكُوم بِهِ سَابِقًا، وَلَا وَجه للتفريع، فالاولى الاتيان بإلا الاستثنائية.
قَوْله: (سقطا) الضَّمِير للخارجين، فَلَو أَحدهمَا خَارِجا وَالْآخر ذَا يَد فالخارج أَحَق قِيَاسا
على الْملك، وَقيل ذُو الْيَد أولى على كل حَال، وَيَأْتِي تَمَامه قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (لتعذر الْجمع) أَي اجْتِمَاع الزَّوْجَيْنِ على زَوْجَة وَاحِدَة فَإِنَّهُ مُتَعَذر شرعا، لَان النِّكَاح لَا يقبل الِاشْتِرَاك فتتهاتر الْبَيِّنَتَانِ