مِنْهُمَا من رجل وَأَجَازَ الْمَالِك البيعين فَإِن كلا مِنْهُمَا يُخَيّر أَنه تغير عَلَيْهِ شَرط عدم عقده، فَلَعَلَّ رغبته فِي تملك الْكل اهـ.
قَوْله: (بِنصْف الثّمن) أَي الَّذِي عينه أَحدهمَا، وَإِن كَانَ مَا عينه الآخر، كَأَن ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِمِائَتَيْنِ أَخذ الاول نصفه بِخَمْسِينَ وَالْآخر نصفه بِمِائَة، وَقيد بِالشِّرَاءِ من ذِي الْيَد لانه لَو ادّعَيَا الشِّرَاء من ذِي الْيَد فَإِنَّهُ يَأْتِي حكمه.
قَوْله: (لتفريق الصَّفْقَة عَلَيْهِ) فَلَعَلَّ رغبته فِي تملك الْكل.
قَوْله: (وَإِن ترك أَحدهمَا بَعْدَمَا قضى لَهما) أَفَادَ أَنه بِالْقضَاءِ لَهُ بِالنِّصْفِ
لَا يجْبر على أَخذه لما فِيهِ من الضَّرَر.
قَوْله: (لانفساخه) أَي انْفِسَاخ البيع فِي النّصْف بِالْقضَاءِ: أَي لانه صَار مقضيا عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ لصَاحبه فانفسخ البيع فِيهِ فَلَا يكون لَهُ أَن يَأْخُذهُ بعد الِانْفِسَاخ، لَان العقد مَتى انْفَسَخ بِقَضَاء القَاضِي لَا يعود إِلَّا بتجديده وَلم يُوجد.
قَوْله: (فَلَو قبله) أَي فَلَو ترك أَحدهمَا قبل الْقَضَاء بِهِ بَينهمَا فللآخر أَن يَأْخُذهُ كُله، لانه أثبت بِبَيِّنَتِهِ أَنه اشْترى الْكل، وَإِنَّمَا يرجع إِلَى النّصْف بالمزاحمة ضَرُورَة الْقَضَاء بِهِ وَلم يُوجد، وَنَظِيره تَسْلِيم أحد الشفيعين قبل الْقَضَاء، وَنَظِير الاول تَسْلِيمه بعد الْقَضَاء كَمَا فِي الْبَحْر
قَوْله: (للسابق تأريخا إِن أرخا) أَي لانه أثبت الشِّرَاء فِي زمن لَا ينازعه فِيهِ أحد فَانْدفع الآخر بِهِ، وَهَذَا كَمَا علمت فِيمَا إِذا ادّعَيَا الشِّرَاء من وَاحِد، فَلَو اخْتلف بائعهما لم يتَرَجَّح أسبقهما تَارِيخا وَلَا المؤرخ فَقَط لَان ملك بائعهما لَا تَارِيخ لَهُ.
قَوْله: (فَيرد البَائِع مَا قَبَضَهُ) أَيْ الثَّمَنَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ لِذِي يَد) أَي الْمُدَّعِي بِالْفَتْح إِن لم يؤرخا الخ.
لما ذكر مَا إِذا ادّعى الخارجان الشِّرَاء من ذِي الْيَد، وَفِيه لَا يتَرَجَّح وَاحِد إِلَّا بسبق التَّارِيخ، أَخذ يتَكَلَّم على مَا إِذا ادّعى خَارج وَذُو يَد الشِّرَاء من وَاحِد ويترجح ذُو الْيَد لانها دَلِيل سبقه ولانهما اسْتَويَا فِي الاثبات وترجيح ذِي الْيَد بهَا وَلَيْسَ للثَّانِي مَا يعارضها فَلَا يُسَاوِيه، ولان يَد الثَّابِت لَا تنقص بِالشَّكِّ.
وَيكون التَّرْجِيح أَيْضا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بسبق التَّارِيخ، فيترجح ذُو الْيَد فِي أَربع: مَا إِذا سبق تَارِيخه وَهُوَ ظَاهر، وَمَا إِذا لم يؤرخا لما ذكر، وَمَا إِذا كَانَ التَّارِيخ من جَانب لانه غير مُعْتَبر كَمَا لَو لم يؤرخا، وَمَا إِذا اسْتَوَى التاريخان لتعارضهما فَصَارَ كَمَا لَو لم يؤرخا، ويترجح الْخَارِج فِي وَاحِدَة وَهُوَ مَا إِذا سبق تَارِيخه.
وَيُمكن أَن تجْعَل هَذِه الْمَسْأَلَة من تفاريع مَا إِذا ادّعى الخارجان الشِّرَاء من ذِي الْيَد وَأثبت أَحدهمَا بِالْبَيِّنَةِ قَبضه فِيمَا مضى من الزَّمَان على مَا نَقله فِي الْبَحْر عَن الْمِعْرَاج.
وَيشكل عَلَيْهِ مَا ذكره بعد عَن الذَّخِيرَة من أَن ثُبُوت الْيَد بِأَحَدِهِمَا بالمعاينة.
وَيُمكن أَن يُقَال: مَا ثَبت بِالْبَيِّنَةِ مُعَاينَة لَان المعاينة لَا تَكْفِي من القَاضِي لانه لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ فَلم يبْق إِلَّا مُعَاينَة الشُّهُود.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلِي إشْكَالٌ فِي عِبَارَةِ الْكتاب، وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ مَفْرُوضٌ فِي خَارِجَيْنِ تَنَازَعَا فِيمَا فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَإِذَا كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا قَبْضٌ كَانَ ذَا يَدٍ تَنَازَعَ مَعَ خَارِجٍ فَلَمْ تَكُنْ الْمَسْأَلَةُ.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْمِعْرَاجِ مَا يُزِيلُهُ مِنْ جَوَازِ أَنَّهُ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ قَبْضَهُ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَهُوَ الْآن فِي
يَد البَائِع انْتهى.
إِلَّا أَنه يشكل مَا ذكره بعد عَنْ الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا بِالْمُعَايَنَةِ انْتهى وَالْحَقُّ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَكَانَ يَنْبَغِي إفْرَادُهَا.
وَحَاصِلُهَا: أَنَّ خَارِجًا وَذَا يَدٍ ادَّعَى كُلٌّ الشِّرَاء من ثَالِث وَبَرْهَنَا قُدِّمَ ذُو الْيَدِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَالْخَارِج فِي وَجه وَاحِد انْتهى كَلَام الْبَحْر.
وَفِيه الاشكال الَّذِي ذكره عَن الذَّخِيرَة.