للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأجَاب الْمَقْدِسِي بِأَن

قَوْله: (وَهُوَ لذِي يَد إِن لم يؤرخا) يرجع إِلَى مُطلق مدعيين لَا بِقَيْد كَونهمَا خَارِجين، وَقد أَشَارَ المُصَنّف إِلَى مَا قدمنَا من أَن الْحق أَنَّهَا مَسْأَلَة أُخْرَى وَكَانَ يَنْبَغِي إفرادها، حَيْثُ ذَكَرَ قَوْلَهُ وَلِذِي وَقْتٍ، وَلَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِذِي يَدٍ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلِذِي اسْتِئْنَاف مَسْأَلَة أُخْرَى.

فرع: لَو برهنا على ذِي يَد بالوديعة يقْضِي بهَا لَهما نِصْفَيْنِ ثمَّ ذَا أَقَامَ أَحدهمَا الْبَيِّنَة على صَاحبه أَنه لَهُ لم يسمع، وَلَو برهن أَحدهمَا وَأقَام الآخر شَاهِدين وَلم يزكيا قضى بِهِ لصَاحب الْبَيِّنَة، ثمَّ أَقَامَ الآخر بَيِّنَة عادلة أَنه ملكه أودعهُ عِنْد الَّذِي فِي يَده أَو لم يذكرُوا ذَلِك فَقضى بِهِ لَهُ على الْمقْضِي لَهُ أَولا، وَهَذَا يُخَالف الشِّرَاء فَإِن فِيهِ لَا يحكم للثَّانِي، وَلَعَلَّه لَان الايداع من قبيل الْمُطلق.

قَوْله: (وَهُوَ لذِي وَقت الخ) الاولى تَقْدِيمهَا على

قَوْله: (وَهُوَ لذِي يَد) لانها من تَتِمَّة الاولى، وَإِنَّمَا كَانَ القَوْل لَهُ لثُبُوت ملكه فِي ذَلِك الْوَقْت مَعَ احْتِمَال الآخر أَن يكون قبله أَو بعده فَلَا يقْضِي لَهُ بِالشَّكِّ، وإنهما اتفقَا على أَن الْملك للْبَائِع وَلم يثبت الْملك لَهما إِلَّا بالتلقي مِنْهُ وَأَن شراءهما حَادث والحادث يُضَاف إِلَى أقرب الاوقات، إِلَّا إِذا ثَبت التَّارِيخ فَيثبت تقدمه، فَلهَذَا كَانَ المؤرخ أولى، بِخِلَاف مَا إِذا اخْتلف بائعهما على مَا بَينا، وَبِخِلَاف مَا إِذا ادّعى الْملك وَلم يدع الشِّرَاء من ذِي الْيَد حَيْثُ لم يكن التَّارِيخ أولى عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد.

تَبْيِين: قَالَ الْمدنِي: أَقُولُ التَّارِيخُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ فِي الْمِلْكِ بِسَبَب كَمَا هُوَ مَعْرُوف اهـ.

وَفِيه عَن الْقُهسْتَانِيّ عَن الخزانة أَنه لَو وَقت أَحدهمَا شهرا وَالْآخر سَاعَة فالساعة أولى والتاريخ هُوَ

قلب التَّأْخِير.

وَاصْطِلَاحا: هُوَ تَعْرِيف وَقت الشئ بِأَن يسند إِلَى وَقت حُدُوث أَمر شَائِع كظهور دولة أَو غَيره كطوفان وزلزلة لينسب إِلَى ذَلِك الْوَقْت الزماني الْآتِي، وَقيل هُوَ يَوْم مَعْلُوم نسب إِلَيْهِ ذَلِك الزَّمَان، وَقيل هُوَ مُدَّة مَعْلُومَة بَين حُدُوث أَمر ظَاهر وَبَين أَوْقَات حوادث أخر كَمَا فِي نِهَايَة الادراك.

قَوْله: (وَالْحَال أَنه لَا يَد لَهما) بِأَن كَانَ الْمَبِيع فِي يَد ثَالِث.

قَوْله: (وَإِن لم يوقتا الخ) لَا حَاجَة إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَالشِّرَاءُ أَحَقُّ مِنْ هِبَةٍ) أَيْ لَوْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى ذِي يَدٍ أَحَدُهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ وَالْآخَرُ عَلَى الْهِبَةِ مِنْهُ كَانَ الشِّرَاءُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ وَالْمِلْكُ فِي الْهِبَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، فَلَوْ أَحَدُهُمَا ذَا يَدٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ أَوْ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا، وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا تَرْجِيحَ، وَلَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَا يَدٍ فَهُوَ لَهُمَا، أَوْ للاسبق تَارِيخا كدعوى ملك مُطلق، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُمَلَّكُ اسْتَوَيَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَصْمٌ عَنْ مُمَلَّكِهِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَهُمَا سَوَاء، بِخِلَاف مَا لَو اتَّحد لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى إثْبَاتِ السَّبَبِ، وَفِيهِ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى، وَأَطْلَقَ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّسْلِيمِ وَبِأَنْ لَا تَكُونَ بِعِوَضٍ وَإِلَّا كَانَتْ بَيْعًا، وَأَشَارَ إلَى اسْتِوَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ لِلِاسْتِوَاءِ فِي التَّبَرُّعِ، وَلَا تَرْجِيحَ لِلصَّدَقَةِ بِاللُّزُومِ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِي ثَانِي الْحَالِ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْهِبَةُ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً كَهِبَةِ مُحْرِمٍ وَالصَّدَقَةُ قَدْ لَا تَلْزَمُ بِأَنْ كَانَت لَغَنِيّ كَذَا فِي الْبَحْر مُلَخصا.

وَفِيهِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مَعَ الْقَبْضِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي كُلٍّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>