الْقَبْضِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الشِّرَاءِ لِلْمُعَاوَضَةِ.
وَرَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَن الاولى تَقْدِيم الْهِبَة لكَونهَا مَشْرُوعَة وَالْبيع الْفَاسِد مَنْهِيّ عَنهُ، وَلم يذكر مَا لَو اخْتلفَا فِي الشِّرَاء مَعَ الْوَقْف، فَحكمه مَا فِي مُشْتَمل الاحكام عَن الْقنية قَالَ: ادّعى على رجل أَن هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يَده وقف مُطلق وَذُو الْيَد ادّعى أَن بائعي اشْتَرَاهَا من الْوَقْف وأرخا وَأَقَامَا الْبَيِّنَة فَبَيِّنَة الْوَقْف أولى، ثمَّ إِذا أثبت ذُو الْيَد تَارِيخا سَابِقًا على الْوَقْف فبينته أولى، وَإِلَّا فبينه الْوَقْف أولى اهـ.
وَفِي فَتَاوَى مؤيد زَاده: ادّعى عَلَيْهِ دَارا أَنه بَاعهَا مني مُنْذُ خمس عشرَة سنة وَادّعى الآخر أَنَّهَا وقف عَلَيْهِ مسجل وَأَقَامَا بَيِّنَة فَبَيِّنَة مدعي البيع أولى، وَإِن ذكر الْوَاقِف بِعَيْنِه فَبَيِّنَة الْوَقْف أولى لانه
يصير مقضيا عَلَيْهِ.
قَوْله: (وَصدقَة) قَالَ فِي الْبَحْر: الصَّدَقَة المقبوضة وَالْهِبَة كَذَلِك سَوَاء للتبرع فيهمَا، وَلَا تَرْجِيح للصدقة باللزوم لَان أثر اللُّزُوم يَظْهَرُ فِي ثَانِي الْحَالِ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ من الرُّجُوع فِي الْمُسْتَقْبل، وَالتَّرْجِيح يكون بِمَعْنى قَائِم فِي الْحَال، وَالْهِبَة قد تكون لَازِمَة بِأَن كَانَت لمحرم، وَالصَّدَََقَة قد تلْزم بِأَن كَانَت لَغَنِيّ.
قَوْله: (وَرهن وَلَو مَعَ قبض) إِنَّمَا قدم الشِّرَاء عَلَيْهِ لانه يُفِيد الْملك بعوض للْحَال وَالرَّهْن لَا يُفِيد الْملك للْحَال فَكَانَ الشِّرَاء أقوى، وَقد علمت أَن الْهِبَة بعوض كالشراء فَتقدم عَلَيْهِ وَقَوله وَلَو مَعَ قبض رَاجع إِلَى الرَّهْن فَقَط لَان دَعْوَى الْهِبَة أَو الصَّدَقَة غير المقبوضة لَا تسمع.
قَوْله: (واتحد المملك) أما إِذا كَانَ المملك مُخْتَلفا فَلَا يعْتَبر فِيهِ سبق التَّارِيخ.
أَبُو السُّعُود.
بل يستويان كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي الْبَحْر: أطلقهُ وَهُوَ مُقَيّد بِأَن لَا تَارِيخ لَهما، إِذْ لَو أرخا مَعَ اتِّحَاد المملك كَانَ للاسبق، فَأَخذه مِنْهُ وَذكر مَا ذكر من خلل صَاحب الْكَنْز بِهَذَا الْقَيْد مَعَ جَوَاز الِاعْتِذَار بِحمْل الْمُطلق على الْخَالِي من التَّارِيخ إِذْ الاصل عَدمه، فَتَأمل.
أَفَادَهُ الرَّمْلِيّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لما تقدم فِيمَا إِذا أرخت إِحْدَى بينتي مدعي الشِّرَاء من وَاحِد.
قَوْله: (فالمؤرخة أولى) لانهما اتفقَا على الْملك وَالْملك لَا يتلَقَّى إِلَّا من جِهَة المملك وَهُوَ وَاحِد، فَإِذا أثبت أَحدهمَا تَارِيخا يحكم لَهُ بِهِ دُرَر.
قَوْله: (اسْتَوَيَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَصْمٌ عَنْ مُمَلَّكِهِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إِذا اتَّحد لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى إثْبَاتِ السَّبَبِ، وَفِيهِ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى كَمَا فِي الْبَحْر: أَي فينصف الْمُدَّعِي بَين مدعي الشِّرَاء ومدعي الْهِبَة وَالصَّدَََقَة، وَهَذَا ظَاهر فِي غير الرَّهْن، أما فِيهِ فَيَنْبَغِي أَن لَا يَصح فِيهِ مُطلقًا لعدم صِحَة رهن الْمشَاع شيوعا مُقَارنًا أَو طارئا على حِصَّة شائعة يقسم أَو لَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابه.
وَأما طروه على حِصَّة مفروزة فَلَا يُبطلهُ كَمَا نبه عَلَيْهِ الْمَقْدِسِي، فَتنبه.
وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ وَآخَرُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّالِثُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ وَالرَّابِعُ الصَّدَقَةَ مِنْ آخَرَ قُضِيَ بَينهم أَربَاعًا، لانهم يلتقون الْمِلْكَ مِنْ مُمَلَّكِهِمْ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَة على الْملك الْمُطلق.
قَوْله: (وَهَذَا) أَي الاسْتوَاء.
اعْلَم أَن صَاحب الْبَحْر والهندية جعلا ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَت الْعين فِي أَيْدِيهِمَا.
وَعبارَة الْبَحْر بعد أَن صرح بِأَن مدعي الشِّرَاء وَالْهِبَة مَعَ الْقَبْض خارجان، ادّعَيَا على ثَالِث نَصهَا: وَقيد بكونهما خَارِجين
للِاحْتِرَاز عَمَّا إِذا كَانَت فِي يَد أَحدهمَا وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يقْضى للْخَارِج، إِلَّا فِي أسبق التَّارِيخ فَهُوَ للاسبق، وَإِن أرخت إِحْدَاهمَا فَلَا تَرْجِيح لَهَا كَمَا فِي الْمُحِيط، وَإِن كَانَت فِي أَيْدِيهِمَا فَيَقْضِي بَينهمَا، إِلَّا فِي أسبق التَّارِيخ فَهِيَ لَهُ كدعوى ملك مُطلق، وَهَذَا إِذا كَانَ الْمُدعى مِمَّا لَا يقسم كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّة.