وَأما فِيمَا يقسم كَالدَّارِ فَإِنَّهُ يقْضى لمُدعِي الشِّرَاء، لَان مدعي الْهِبَة أثبت بِالْبَيِّنَةِ الْهِبَة فِي الْكل ثمَّ اسْتحق الآخر نصفه بِالشِّرَاءِ، وَاسْتِحْقَاق نصف الْهِبَة فِي مشَاع يحْتَمل الْقِسْمَة يبطل الْهِبَة بالاجماع.
فَلَا تقبل بَيِّنَة مدعي الْهِبَة، فَكَانَ مدعي الشِّرَاء مُنْفَردا بِإِقَامَة الْبَيِّنَة.
اهـ.
ونقلاها عَن الْمُحِيط.
وَكَلَام الْمُؤلف يُفِيد أَن ذَلِك فِيمَا إِذا اخْتلف المملك واستويا، وَالْحكم وَاحِد لَان الاشاعة تتَحَقَّق فِي حَال اختلافه أَيْضا.
قَوْله: (لَان الِاسْتِحْقَاق) أَي اسْتِحْقَاق مدعي الشِّرَاء النّصْف، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا قَالَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يفْسد الْهِبَة وَيفْسد الرَّهْن اهـ.
وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ نَقْلًا عَنْ الدُّرَرِ: عَدُّهُ صُورَةَ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ أَمْثِلَةِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَالصَّحِيحُ مَا فِي الْكَافِي وَالْفُصُولَيْنِ، فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا ظَهَرَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ الْهِبَةِ فَيكون مُقَارنًا لَهَا لَا طارئا عَلَيْهَا انْتَهَت: أَي وَحَيْثُ كَانَت مِنْ قَبِيلِ الْمُقَارِنِ وَهُوَ يُبْطِلُ الْهِبَةَ إجْمَاعًا ينْفَرد مدعي الشِّرَاء بالبرهان فَيكون أولى.
قَوْله: (من قبيل الشُّيُوع الْمُقَارن) أَي وَهُوَ يبطل الْهِبَة بالاجماع كَمَا علمت، فينفرد مدعي الشِّرَاء بِإِقَامَة الْبَيِّنَة فَيكون أولى.
قَوْله: (لَا الطَّارِئ) لانه لَا يفْسد الْهِبَة وَالصَّدَََقَة، بِخِلَاف الْمُقَارن كَمَا علمت، وَهَذَا جَوَاب عَمَّا قَالَه الْعِمَادِيّ كَمَا تقدم، وَالرُّجُوع بِبَعْض الْهِبَة كالشيوع الطَّارِئ.
قَوْله: (هبة الدُّرَر) وَمثله فِي التَّبْيِين والمنح.
قَوْله: (وَالشِّرَاء وَالْمهْر سَوَاء) يَعْنِي إِذا ادّعى أَحدهمَا الشِّرَاء من ذِي يَد وَادعت امْرَأَة أَنه تزَوجهَا عَلَيْهِ فهما سَوَاء لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّة، فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُعَاوضَة يثبت الْملك بِنَفسِهِ، وَهَذَا عِنْدهمَا.
وَقَالَ مُحَمَّد: الشِّرَاء أولى.
قَوْله: (وَترجع هِيَ) أَي على الزَّوْج بِنصْف الْقيمَة لاسْتِحْقَاق نصف الْمُسَمّى.
قَوْله: (وَهُوَ بِنصْف الثّمن) أَي إِن كَانَ نَقده.
قَوْله: (أَو يفْسخ) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول ليشْمل الْمهْر وَالْمُشْتَرِي، لَان كلا مِنْهُمَا
دخل عَلَيْهِ عيب تَفْرِيق الصَّفْقَة، فللمرأة أَن ترده وَترجع بِجمع الْقيمَة وَالْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثّمن
قَوْله: (لما مر) أَي من تفرق الصَّفْقَة عَلَيْهِ.
قَوْله: (أَو أرخا واستوى تاريخهما الخ) قَالَ فِي تَرْجِيح الْبَينَات للبغدادي: قَامَت بَيِّنَة على المَال وَبَيِّنَة على الْبَرَاءَة وأرخا: فَإِن كَانَ تَارِيخ الْبَرَاءَة سَابِقًا يقْضِي بِالْمَالِ، وَإِن كَانَ لاحقا يقْضِي بِالْبَرَاءَةِ، وَإِن لم يؤرخا أَو أرخت إِحْدَاهمَا، دون الاخرى أَو أرخا وتاريخهما سَوَاء فالبراءة أولى، لَان الْبَرَاءَة إِنَّمَا تكْتب لتَكون حجَّة صَحِيحَة وَلَا صِحَة لَهَا إِلَّا بعد وجوب المَال، وَالظَّاهِر أَنه كَانَ بعد وجوب المَال اهـ.
قَوْله: (قيد بِالشِّرَاءِ) أَي فِي جعله مَعَ الْمهْر سَوَاء، لَان الْهِبَة وَأَخَوَاتهَا لَا تَسَاوِي الْمهْر وَلذَا قَالَ الشَّارِح: لَان النِّكَاح أَحَق.
قَوْله: (لِأَنَّ النِّكَاحَ أَحَقُّ مِنْ هِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَو صَدَقَة) انْظُر مَا معنى هَذِه الْعبارَة مَعَ قَوْله الْمَار وَالشِّرَاء وَالْمهْر سَوَاء فَلم يظْهر لي فائدتها سوى أَنه تكْرَار مَحْض.
تَأمل.
قَوْله: (وَالْمرَاد من النِّكَاح) أَي فِي قَول الْعِمَادِيّ لَان النِّكَاح الخ الْمهْر.
قَالَ فِي الْبَحْر نَاقِلا عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ: لَوْ اجْتَمَعَ نِكَاحٌ وَهِبَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ بالبينتين لَو استويتا بِأَن تكون مَنْكُوحَة لذا وَهبة للْآخر بِأَن يهب أَمَتَهُ الْمَنْكُوحَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بَيِّنَةُ الْهِبَة حذرا من تَكْذِيب