للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو السُّعُود الْعِمَادِيّ فِي تحريراته: قد علم من هَذِه النقول أَنه لَا فرق فِي أَوْلَوِيَّة صَاحب النِّتَاج بَين أَن تكون الْعين فِي يَد أَحدهمَا أَو فِي يَد ثَالِث، فَإِن كَانَت الْعين فِي يدهما فَكَذَلِك صَاحب النِّتَاج أولى، لَان كل وَاحِد من صَاحب الْيَد ذُو يَد فِي نصفه وخارج فِي النّصْف الآخر كذي الْيَد مَعَ

الْخَارِج.

وَالْحَاصِل: إِذا برهن المدعيان أَحدهمَا على الْملك الْمُطلق وَالْآخر على النِّتَاج تقدم بَيِّنَة النِّتَاج، سَوَاء كَانَ الْعين فِي يَد أَحدهمَا أَو فِي يدهما أَو فِي يَد ثَالِث كَمَا بَين فِي الاصول اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْر الرَّائِق فِي الْقَضَاء: أطْلقُوا هَذِه الْعبارَة وَهِي قَوْلهم: تقدم بَيِّنَة النِّتَاج على بَيِّنَة الْملك الْمُطلق، فَشَمَلَ مَا إِذا أرخا واستويا أَو سبق أَحدهمَا أَو أرخ أَحدهمَا أَو لم يؤرخا أصلا، فَلَا اعْتِبَار للتاريخ مَعَ النِّتَاج إِلَّا من أرخ تَارِيخا مستحيلا بِأَن لم يُوَافق سنّ الْمُدَّعِي لوقت ذِي الْيَدِ وَوَافَقَ وَقْتَ الْخَارِجِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ للْخَارِج، وَلَو خَالف سنه للوقتين لَغَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَيُتْرَكُ فِي يَد ذِي الْيَد على مَا كَانَ.

والنتاج بِكَسْر النُّون: ولادَة الْحَيَوَان وَوَضعه عِنْد مِنْ نُتِجَتْ عِنْدَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلَدَتْ وَوَضَعَتْ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ: وِلَادَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَو ملك بَائِعه أَو مورثها اهـ.

وَالْمرَاد لكَون التَّارِيخ مستحيلا فِي دَعْوَى النِّتَاج عدم مُوَافقَة التَّارِيخ لسن الْمَوْلُود.

وَدَعوى النِّتَاج دَعْوَى سَبَب الْملك بِالْولادَةِ فِي ملكه، لَان سَبَب ذَلِك نَوْعَانِ: أَحدهمَا: لَا يُمكن تكرره وَالثَّانِي: يُمكن تكرره، فَمَا لَا يُمكن تكرره هُوَ النِّتَاج، فوقوع النِّتَاج فِي الْخَارِج مرَّتَيْنِ محَال: يَعْنِي لَا يتَصَوَّر عود الْوَلَد إِلَى بطن أمه ثمَّ خُرُوجه مرّة بعد أُخْرَى، فَإِذا كَانَ الامر كَذَلِك الْوَلَد لَا يُعَاد وِلَادَته بعد الْولادَة مرّة أُخْرَى، وَمَا كَانَ من الْمَتَاع كَذَلِك وَلَا يصنع مرّة أُخْرَى بعد نقضه فَلَا يكون نَحْو النِّتَاج كَمَا صرح بِهِ فِي المفصلات اهـ.

فدعوى النِّتَاج دَعْوَى مَا لَا يتَكَرَّر كَمَا صرح بِهِ قاضيخان فِي آخر دَعْوَى الْمَنْقُول، وَدَعوى النِّتَاج دَعْوَى أولية الْملك كَمَا ذكرُوا فِي آخر الْفَصْل الثَّامِن من الْفُصُولَيْنِ، فَيكون كل دَعْوَى أولية الْملك كالنتاج، وعَلى هَذَا اتِّفَاق الائمة الفحول فِي الْفُرُوع والاصول كَمَا حَقَّقَهُ جوى زَاده.

فَكل سَبَب للْملك من الْمَتَاع مَا لَا يتَكَرَّر: يَعْنِي لَا يُعَاد وَلَا يصنع مرّة بعد أُخْرَى بعد نقضه فَهُوَ فِي معنى النِّتَاج، وَدَعوى الْملك بِهَذَا السَّبَب كدعواه بالنتاج فَإِن مثله فِي عدم التكرر فَحكمه كحكمه فِي جَمِيع أَحْكَامه، وَأما كل سَبَب للْملك من الْمَتَاع مَا يتَكَرَّر: يَعْنِي يُعَاد ويصنع مرّة بعد أُخْرَى بعد نقضه: فَهُوَ لَا يكون بِمَعْنى النِّتَاج بل يكون فِي منزلَة الْملك الْمُطلق كَمَا صرح بِهِ فِي الْمُحِيط والمبسوط والزيلعي والظهيرية وَغَيرهَا اهـ.

مِثَال مَا لَا يتَكَرَّر كنسخ ثِيَاب قطنية أَو كتانية لَا تنسج إِلَّا مرّة، فنسج ثوب قطن أَو كتَّان سَبَب للْملك لَا يتَكَرَّر فَهُوَ كالنتاج، فَلَو أَقَامَ خَارج وَذُو يَد على أَن هَذَا الثَّوْب ملكه وَأَنه نسخ عِنْده فِي ملكه كَانَ ذُو الْيَد أولى كَمَا فِي الْخَانِية وَالْبَزَّازِيَّة وَغَيرهمَا اهـ.

وكحلب لبن فَحلبَ لبن سَبَب للْملك لَا يتَكَرَّر فَهُوَ كالنتاج، فَلَو برهن كل من خَارج وَذي يَد على أَن هَذَا اللَّبن حلب فِي ملكه كَانَ ذُو الْيَد أولى كَمَا نَقله شَارِح الملتقي وَحْدَتي عُثْمَان أَفَنْدِي الاسكوبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>