قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ يُفِيد حِينَئِذٍ الْعِلْمَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كَالْجَانِبِ الْآخَرِ اهـ.
أَقُولُ: ظَاهِرُ مَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَالزَّيْلَعِيِّ يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَنَا أَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ شَاهِدَيْنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ، وَالتَّرْجِيحُ لَا يَقَعُ بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ بَلْ بِقُوَّتِهَا، بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُتَوَاتِرًا وَالْآخَرُ آحَادًا أَوْ يكون أَحدهمَا مُفَسرًا وَالْآخر مُجملا فيرجح الْمُفَسّر على الْمُجْمل والمتواتر على الْآحَاد اهـ.
بيري.
وَفِي شرح الْمُفْتِي أَن عدد الشُّهُود إِذا بلغ حد التَّوَاتُر يَنْبَغِي أَن يرجح على من لم يبلغهُ قِيَاسا على الْخَبَر من أَنه يرجح كَون أحد الْخَبَرَيْنِ إِلَى آخر مَا قدمْنَاهُ قَرِيبا وَلم أظفر على الرِّوَايَة اهـ، أَقُول: قد ذكر فِي التَّحْرِير وَشَرحه مَا حَاصله: فرق بَين الشَّهَادَة وَالْخَبَر، لَان السّمع ورد فِي الشَّهَادَة على خلاف الْقيَاس بِأَن يكون نصابها اثْنَيْنِ فَلَا يكون لكثرتهم قُوَّة زَائِدَة تمنع مَا اعْتَبرهُ السّمع فِي الطّرف الآخر، بِخِلَاف الرِّوَايَة فِي الْخَبَر فَإِن الحكم فِيهِ نيط بِرِوَايَة كل من الرَّاوِي، فَلَا شكّ أَن كثرتهم تزيد الظَّن وَالْقُوَّة وَفِيه فَافْتَرقَا على أَن مَا ورد فِيهِ النَّص لَا يؤثره الْقيَاس.
تدبر.
قَوْله: (لَان الْمُعْتَبر أصل الْعَدَالَة) بل الْمُعْتَبر فِيهِ الْولَايَة بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّاس فِيهِ سَوَاء وَالْعَدَالَة شرطت لظُهُور أثر الصدْق حَتَّى وَجب على القَاضِي الْقَضَاء وَلذَلِك لم يلْتَفت إِلَى زِيَادَة قُوَّة فِي الْعَدَالَة، وَبَاقِي التَّفْصِيل فِي شرح الْمُفْتِي الشَّارِح الْهِنْدِيّ.
قَوْله: (وَلَا حد للاعدلية) أَي فَلَا يَقع التَّرْجِيح بهَا لاحْتِمَال أَن يجد الآخر مَا هُوَ أعدل فَلَا يسْتَقرّ الحكم على حَالَة.
قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحمَه الله تَعَالَى اعْتَبَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَ الْمُنَازَعَةِ، وَهُوَ أَنَّ النِّصْفَ سَالِمٌ لِمُدَّعِي الْكُلِّ بِلَا مُنَازَعَةٍ، بَقِي النّصْف الآخر وَفِيه منازعتهما على السوَاء فينصف، فَلِصَاحِبِ الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الرُّبْعُ، وَهُمَا اعْتَبَرَا طَرِيقَ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهَذَا لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ كُلًّا وَنِصْفًا، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةٍ، فَلِصَاحِبِ الْكُلِّ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ سَهْمٌ هَذَا هُوَ الْعَوْلُ.
وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْرِبُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، فَصَاحِبُ الْكُلِّ لَهُ ثُلُثَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَيُضْرَبُ الثُّلُثَانِ فِي الدَّارِ وَصَاحِبُ النِّصْفِ لَهُ ثُلُثٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَيُضْرَبُ الثُّلُثُ فِي الدَّارِ فَحَصَلَ ثُلُثُ الدَّارِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْكُسُورِ بِطَرِيقِ الْإِضَافَةِ فَإِنَّهُ إذَا ضُرِبَ الثُّلُثُ فِي السِّتَّةِ مَعْنَاهُ ثلث السِّتَّة وَهُوَ اثْنَان.
منح.
قَالَ فِي الْهِدَايَة: إِن لهَذِهِ الْمَسْأَلَة نَظَائِر وأضدادا لَا يحتملها هَذَا الْمُخْتَصر، وَقد ذَكرنَاهَا فِي الزِّيَادَات اهـ.
وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَن شرح الزِّيَادَات لقاضيخان.
قَوْله: (بطرِيق الْعَوْل) هُوَ فِي اللُّغَة الزِّيَادَة والارتفاع.
وَعند أهل الْحساب أَن يُزَاد على الْمخْرج من أخواته إِذا ضَاقَ عَن فرض ذِي السهْم.
قَوْله: (فَالْمَسْأَلَة من اثْنَيْنِ) لوُجُود كسر مخرجه ذَلِك وَهُوَ النّصْف.
قَوْله: (وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةٍ) فَلِصَاحِبِ الْكُلِّ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِ النّصْف سهم فَيقسم أَثلَاثًا بَينهمَا.
والاصل أَنه إِذا